للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأجزاء فجلدته به، وجلّدت الذي قلعت منه الجلد وعتقته، ونسي بهاء الدولة المصحف، ومضى على ذلك نحو السنة، فلما كان ذات يوم جرى ذكر أبي علي ابن مقلة فقال لي: ما كتبت ذلك؟ قلت بلى، قال: فأعطنيه، فأحضرت المصحف كاملا فلم يزل يقلّبه جزءا جزءا وهو لا يقف على الجزء الذي بخطي ثم قال لي: أيّما هو الجزء الذي بخطك؟ قلت له: لما لا تعرفه فيفتر في عينك، هذا مصحف كامل بخط أبي علي ابن مقلة ونكتم سرنا؟ قال: أفعل، وتركه في ربعة عند رأسه ولم يعده إلى الخزانة، وأقمت مطالبا بالخلعة والدنانير وهو يمطلني ويعدني، فلما كان يوما قلت: يا مولانا في الخزانة بياض صيني وعتيق مقطوع وصحيح فتعطيني المقطوع منه كله دون الصحيح بالخلعة والدنانير؟ قال: مرّ خذه، فمضيت وأخذت جميع ما كان فيها من ذلك النوع فكتبت فيه سنين.

ووجدت في تاريخ أبي الفرج ابن الجوزي قال»

: اجتاز أبو الحسن البتي الكاتب وكان مزاحا- وله في هذا الكتاب باب- وعلي بن هلال جالس على باب الوزير فخر الملك أبي غالب محمد بن خلف ينتظر الاذن، فقال له البتي: جلوس الأستاذ على العتب رعاية للنسب، فغضب ابن البواب وقال: لو أنّ إليّ أمرا «٢» ما مكنتك من دخول هذه الدار، فقال البتي: لا يترك الأستاذ صنعة الوالد «٣» بحال.

ولبعضهم يهجو ابن البواب:

من ذا رأيتم من النسّاخ متخذا ... سبال لصّ على عثنون محتال

هذا وأنت ابن بواب وذو عدم ... فكيف لو كنت ربّ الدار والمال

وكان ابن البواب يقول شعرا لينا منه- ونقلته من خط الجويني أيضا قال ونقلت من خطه أيضا في ضمن رسالة-:

ولو آني أهديت ما هو فرض ... للرئيس الأجلّ من أمثالي

لنظمت النجوم عقدا إذا ... رصّع غيري جواهرا بلآلي

<<  <  ج: ص:  >  >>