للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن ذلك يوحشه، ودعني وإياه حتى أحتال فآتيك به، فأعطاه المهدي ذلك.

وقال يعقوب: يا أمير المؤمنين، قد بسطت عدلك لرعيتك، وأنصفتهم، وعممتهم بخيرك وفضلك، فعظم رجاؤهم، وانفسحت آمالهم، وقد بقيت أشياء لو ذكرتها لك لم تدع النظر فيها بمثل ما فعلت في غيرها، وأشياء مع ذلك خلف بابك يعمل بها لا تعملها، فإن جعلت لي السبيل إلى الدخول عليك، وأذنت لي في رفعها إليك فعلت فأعطاه المهدى ذلك، وجعله اليه، وصير سليما الخادم الأسود خادم المنصور سببه في إعلام المهدي بمكانه كلما أراد الدخول، فكان يعقوب يدخل على المهدي ليلا، ويرفع إليه النصائح في الأمور الحسنة الجميلة من أمر الثغور وبناء الحصون وتقوية الغزاة وتزويج العزاب، وفكاك الأسارى والمحبسين والقضاء على الغارمين، والصدقة على المتعففين، فحظي بذلك عنده، وبما رجا أن يناله به من الظفر بالحسن بْن إبراهيم، واتخذه أخا في الله، وأخرج بذلك توقيعا، وأثبت في الدواوين، فتسبب مائة ألف درهم كانت أول صلة وصله بها، فلم تزل منزلته تنمى وتعلو صعدا، إلى أن صير الحسن بْن إبراهيم في يد المهدي بعد ذلك، وإلى أن سقطت منزلته، وأمر المهدي بحبسه، فقال علي بْن الخليل في ذلك:

عجبا لتصريف الأمور ... مسرة وكراهية

والدهر يلعب بالرجال ... له دوائر جاريه

رثت بيعقوب بْن داود ... حبال معاويه

وعدت على ابن علاثة القاضي ... بوائق عافيه

قل للوزير أبي عبيد الله: ... هل لك باقيه!

يعقوب ينظر في الأمور ... وأنت تنظر ناحيه

<<  <  ج: ص:  >  >>