دمشق ليلا، وقد بايع ليزيد أكثر أهل دمشق سرا، وبايع أهل المزة غير معاوية بْن مصاد الكلبي- وهو سيد أهل المزة- فمضى يزيد من ليلته إلى منزل معاوية بْن مصاد ماشيا في نفير من أصحابه- وبين دمشق وبين المزة ميل أو أكثر- فأصابهم مطر شديد، فاتوا منزل معاوية بْن مصاد، فضربوا بابه، ففتح لهم، فدخلوا، فقال ليزيد: الفراش أصلحك الله! قَالَ: إن في رجلي طينا، وأكره أن أفسد بساطك، فقال: الذي تريدنا عليه أفسد فكلمه يزيد فبايعه معاوية- ويقال هشام بْن مصاد- ورجع يزيد إلى دمشق، فأخذ طريق القناة، وهو على حمار أسود، فنزل دار ثابت بْن سليمان بْن سعد الخشني، وخرج الوليد بْن روح، وحلف لا يدخل دمشق إلا في السلاح، فلبس سلاحه، وكفر عليه الثياب، وأخذ طريق النيرب- وهو على فرس أبلق- حتى وافى يزيد، وعلى دمشق عبد الملك بْن محمد بْن الحجاج بْن يوسف فخاف الوباء، فخرج فنزل قطنا، واستخلف ابنه على دمشق، وعلى شرطته أبو العاج كثير بْن عبد الله السلمي، فأجمع يزيد على الظهور، فقيل للعامل:
إن يزيد خارج فلم يصدق وأرسل يزيد إلى أصحابه بين المغرب والعشاء ليلة الجمعة سنة ست وعشرين ومائة، فكمنوا عند باب الفراديس حتى أذنوا العتمة، فدخلوا المسجد، فصلوا- وللمسجد حرس قد وكلوا بإخراج الناس من المسجد بالليل- فلما صلى الناس صاح بهم الحرس، وتباطأ أصحاب يزيد، فجعلوا يخرجون من باب المقصورة ويدخلون من باب آخر حتى لم يبق في المسجد غير الحرس وأصحاب يزيد، فأخذوا الحرس، ومضى يزيد بْن عنبسة إلى يزيد بْن الوليد، فأعلمه وأخذ بيده، وقال: قم يا أمير المؤمنين وأبشر بنصر الله وعونه، فقام وقال: اللهم إن كان هذا لك رضا فأعني عليه وسددني له، وإن كان غير ذلك فاصرفه عني بموت.
وأقبل في اثني عشر رجلا، فلما كان عند سوق الحمر لقوا أربعين رجلا من أصحابهم، فلما كانوا عند سوق القمح لقيهم زهاء مائتي رجل من