غير اثنين؟ فقال: لا، فقال عبد الرحمن: فلا يعجز اثنان عن اثنين:
قال: وجعل يحدث ابن أبي سبرة كأنه لا يكترث بهما، حتى لحقهما الرجلان، فقال له ابن أبي سبرة: رحمك الله! قد لحقنا الرجلان، فقال له: فانزل بنا، فنزلا فانتضيا سيفيهما، ثم مضيا إليهما، فلما رآهما واصل عرفهما، فقال لهما: إنكما قد تركتما النزول في موضعه، فلا تنزلا الآن، ثم حسر العمامة عن وجهه، فعرفاه فرحبا به، وقال لابن الأشعث:
إني لما رأيت فرسك يجول في العسكر ظننتك راجلا، فأتيتك ببرذوني هذا لتركبه، فترك لابن أبي سبرة بغلته، وركب البرذون، وانطلق عبد الرحمن بن الأشعث حتى نزل دير اليعار، وأمر شبيب أصحابه فرفعوا عن الناس السيف، ودعاهم إلى البيعة، فأتاه من بقي من الرجالة فبايعوه، وقال له أبو الصقير المحلمي: قتلت من الكوفيين سبعة في جوف النهر كان آخرهم رجلا تعلق بثوبي وصاح، ورهبني حتى رهبته، ثم إني أقدمت عليه فقتلته وقتل من كندة مائة وعشرون يومئذ والف من سائر الناس او ستمائه، وقتل عظم العرفاء يومئذ قال أبو مخنف: حدثني قدامة بن حازم بن سفيان الخثعمي أنه قتل منهم يومئذ جماعة، وبات عبد الرحمن بن مُحَمَّد تلك الليلة بدير اليعار، فأتاه فارسان فصعدا إليه فوق البيت، وقام آخر قريبا منهما فخلا أحدهما بعبد الرحمن طويلا يناجيه، ثم نزل هو وأصحابه، وقد كان الناس يتحدثون أن ذلك كان شبيبا، وأنه قد كان كاتبه، ثم خرج عبد الرحمن آخر الليل فسار حتى أتى دير أبي مريم، فإذا هو بأصحاب الخيل قد وضع لهم مُحَمَّد بن عبد الرحمن بن أبي سبرة صبر الشعير والقت بعضه على بعض كأنه القصور، ونحر لهم من الجزر ما شاءوا، فأكلوا يومئذ، وعلفوا دوابهم، واجتمع الناس إِلَى عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّدِ بْنِ الأشعث فقالوا له: إن سمع شبيب بمكانك أتاك وكنت له غنيمة، قد ذهب الناس وتفرقوا وقتل خيارهم فالحق أيها الرجل بالكوفة فخرج إلى الكوفة ورجع الناس أيضا، وجاء