من موضع قباب حسين بن زفر من بني بدر بن فزارة- وإنما كانت قباب حسين بن زفر بعد ذلك- قال: لأصحابه: انزلوا فأقضموا وأصلحوا نبلكم وتروحوا وصلوا ركعتين، ثم اركبوا، فنزلوا ففعلوا ذلك ثم إنه أقبل بهم راجعا إلى عسكر أهل الكوفة أيضا، وقال: سيروا على تعبيتكم التي عبأتكم عليها بدير بيرما أول الليل، ثم أطيفوا بعسكرهم كما أمرتكم، فأقبلوا قال: فأقبلنا معه وقد أدخل أهل العسكر مسالحهم إليهم، وقد أمنونا فما شعروا حتى سمعوا وقع حوافر خيولنا قريبا منهم، فانتهينا إليهم قبيل الصبح فأحطنا بعسكرهم، ثم صيحنا بهم من كل جانب، فإذا هم يقاتلوننا من كل جانب، ويرموننا بالنبل ثم إن شبيبا بعث إلى أخيه مصاد وهو يقاتلهم من نحو الكوفة أن أقبل إلينا وخل لهم سبيل الطريق الى الكوفه فاقبل اليه، وترك ذلك الوجه، وجعلنا نقاتلهم من تلك الوجوه الثلاثة حتى أصبحنا، فأصبحنا ولم تستفل منهم شيئا، فسرنا وتركناهم فجعلوا يصيحون بنا: أين يا كلاب النار! أين أيتها العصابة المارقة! أصبحوا نخرج إليكم، فارتفعنا عنهم نحوا من ميل ونصف، ثم نزلنا فصلينا الغداة، ثم أخذنا الطريق على براز الروذ، ثم مضينا إلى جرجرايا وما يليها، فأقبلوا في طلبنا.
قال أبو مخنف: فحدثني مولى لنا يدعى غاضرة أو قيصر، قال: كنت مع الناس تاجرا وهم في طلب الحرورية وعلينا الجزل بن سعيد، فجعل يتبعهم فلا يسير الا على تعبئة، ولا ينزل إلا على خندق، وكان شبيب يدعه ويضرب في ارض جوخى وغيرها يكسر الخراج، وطال ذلك على الحجاج، فكتب إليه كتابا، فقرئ على الناس:
أما بعد، فإني بعثتك في فرسان أهل المصر ووجوه الناس، وأمرتك باتباع هذه المارقة الضالة المضلة حتى تلقاها، فلا تقلع عنها حتى تقتلها وتفنيها، فوجدت التعريس في القرى والتخييم في الخنادق أهون عليك من المضي لما أمرتك به من مناهضتهم ومناجزتهم والسلام.
فقرئ الكتاب علينا ونحن بقطراثا ودير أبي مريم، فشق ذلك على