الأربعاء لثلاث عشرة خلت من صفر سنة سبع وثلاثين من الهجرة، عَلَى أن يوافي علي ومعاوية موضع الحكمين بدومة الجندل فِي شهر رمضان، مع كل واحد منهما أربعمائة من أَصْحَابه وأتباعه فَحدثني عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أحمد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني سليمان بْنُ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: قَالَ صَعْصَعَةُ بْنُ صَوْحَانَ يَوْمَ صِفِّينَ حِينَ رَأَى النَّاسَ يَتَبَارَوْنَ: أَلا اسْمَعُوا وَاعْقِلُوا، تَعْلَمُنَّ وَاللَّهِ لَئِنْ ظَهَرَ عَلِيٌّ لَيَكُونَنَّ مِثْلَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَإِنْ ظَهَرَ مُعَاوِيَةُ لا يَقِرُّ لِقَائِلٍ بِقَوْلِ حَقٍّ.
فلما انصرف علي خالفت الحرورية وخرجت- وَكَانَ ذَلِكَ أول مَا ظهرت- فآذنوه بالحرب، وردوا عَلَيْهِ: أن حكم بني آدم فِي حكم اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، وَقَالُوا:
لا حكم إلا لِلَّهِ سُبْحَانَهُ! وقاتلوا، فلما اجتمع الحكمان بأذرح، وافاهم الْمُغِيرَة بن شُعْبَةَ فيمن حضر مِنَ النَّاسِ، فأرسل الحكمان إِلَى عَبْد اللَّهِ بن عُمَرَ ابن الْخَطَّابِ وعبد اللَّه بن الزُّبَيْرِ فِي إقبالهم فِي رجال كثير، ووافى مُعَاوِيَة بأهل الشام، وأبى علي وأهل العراق أن يوافوا، فَقَالَ الْمُغِيرَة بن شُعْبَةَ لرجال من ذوي الرأي من قريش: أترون أحدا مِنَ النَّاسِ برأي يبتدعه يستطيع أن يعلم أيجتمع الحكمان أم يتفرقان؟ قَالُوا: لا نرى أحدا يعلم ذَلِكَ، قال: فو الله إني لأظن أني سأعلمه منهما حين أخلو بهما وأراجعهما فدخل عَلَى عَمْرو بن الْعَاصِ وبدأ بِهِ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْد اللَّهِ، أَخْبَرَنِي عما أسألك عنه، كيف ترانا معشر المعتزلة، فإنا قَدْ شككنا فِي الأمر الَّذِي تبين لكم من هَذَا القتال، ورأينا