كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن سماك بْن فلان الهجيمي، عن أبيه ومحمد بْن عبد اللَّه، عن أنس بْن الحليس، قال:
بينا نحن محاصرو بهرسير بعد زحفهم وهزيمتهم، أشرف علينا رسول فقال: إن الملك يقول لكم: هل لكم إلى المصالحة على أن لنا ما يلينا من دجلة وجبلنا، ولكم ما يليكم من دجلة إلى جبلكم؟ أما شبعتم لا أشبع اللَّه بطونكم! فبدر الناس أبو مفزر الأسود بْن قطبة، وقد أنطقه اللَّه بما لا يدري ما هو ولا نحن، فرجع الرجل ورأيناهم يقطعون إلى المدائن، فقلنا:
يا أبا مفزر، ما قلت له؟ فقال: لا والذي بعث محمدا بالحق ما أدري ما هو، إلا أن علي سكينة، وأنا أرجو أن أكون قد أنطقت بالذي هو خير، وانتاب الناس يسألونه حتى سمع بذلك سعد، فجاءنا فقال: يا أبا مفزر، ما قلت؟ فو الله إنهم لهراب، فحدثه بمثل حديثه إيانا، فنادى في الناس، ثم نهد بهم، وإن مجانيقنا لتخطر عليهم، فما ظهر على المدينة أحد، ولا خرج إلينا إلا رجل نادى بالأمان فأمناه، فقال: إن بقي فيها أحد فما يمنعكم! فتسورها الرجال، وافتتحناها، فما وجدنا فيها شيئا ولا أحدا، إلا أسارى أسرناهم خارجا منها، فسألناهم وذلك الرجل: لأي شيء هربوا؟
فقالوا: بعث الملك إليكم يعرض عليكم الصلح، فأجبتموه بأنه لا يكون بيننا وبينكم صلح أبدا حتى نأكل عسل أفريذين بأترج كوثى، فقال الملك:
وا ويله! ألا إن الملائكة تكلم على ألسنتهم، ترد علينا وتجيبنا عن العرب، والله لئن لم يكن كذلك، ما هذا إلا شيء ألقي علي في هذا الرجل لننتهي، فأرزوا إلى المدينة القصوى.
كتب الى السرى عَنْ سَيْفٍ، عن سعيد بْن المرزبان، عن مسلم بمثل حديث سماك