للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَجَرَ، ثُمَّ جَرُّوهُ، وَاخْتَطَّتْ عَلَى نَحْوٍ مِنْ خِطَطِ الْكُوفَةِ، وَكَانَ عَلَى أَنْزَالِ الْبَصْرَةِ أَبُو الْجَرْبَاءِ عَاصِمُ بْنُ الدُّلَفِ، أَحَدُ بَنِي غَيْلانَ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ.

وَقَدْ كَانَ قُطْبَةُ بْنُ قَتَادَةَ- فِيمَا حَدَّثَنِي عُمَرُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمَدَائِنِيُّ عَنِ النَّضْرِ بْنِ إِسْحَاقَ السُّلَمِيِّ، عَنْ قُطْبَةَ بْنِ قَتَادَةَ السَّدُوسِيِّ- يُغِيرُ بِنَاحِيَةِ الْخُرَيْبَةِ مِنَ الْبَصْرَةِ، كَمَا كَانَ الْمُثَنَّى بْنُ حَارِثَةَ الشَّيْبَانِيُّ يُغِيرُ بِنَاحِيَةِ الْحِيرَةِ.

فَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ يُعْلِمُهُ مَكَانَهُ، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعَهُ عَدَدٌ يَسِيرٌ ظَفَرَ بِمَنْ قَبْلِهِ مِنَ الْعُجْمِ، فَنَفَاهُمْ مِنْ بِلادِهِمْ وَكَانَتِ الأَعَاجِمُ بِتِلْكَ النَّاحِيَةِ قَدْ هَابُوهُ بَعْدَ وَقْعَةِ خَالِدٍ بِنَهْرِ الْمَرْأَةِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: إِنَّهُ أَتَانِي كِتَابُكَ أَنَّكَ تُغِيرُ عَلَى مَنْ قِبَلَكَ مِنَ الأَعَاجِمِ، وَقَدْ أَصَبْتَ وَوُفِّقْتَ، أَقِمْ مَكَانَكَ، وَاحْذَرْ عَلَى مَنْ مَعَكَ مِنْ أَصْحَابِكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ أَمْرِي فَوَجَّهَ عُمَرُ شُرَيْحَ بْنَ عَامِرٍ، أَحَدَ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ إِلَى الْبَصْرَةِ، فَقَالَ لَهُ: كُنْ رِدْءًا لِلْمُسْلِمِينَ بِهَذِهِ الْجِيزَةِ، فَأَقْبَلَ إِلَى الْبَصْرَةِ، فَتَرَكَ بِهَا قُطْبَةَ، وَمَضَى إِلَى الأَهْوَازِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى دَارِسَ، وَفِيهَا مَسْلَحَةٌ لِلأَعَاجِمِ، فَقَتَلُوهُ، وَبَعَثَ عُمَرُ عُتْبَةَ بْنَ غَزْوَانَ.

حَدَّثَنَا عُمَرُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، عَنْ عِيسَى بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ حُذَيْفَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: إِنَّ عُمَرَ قَالَ لِعُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ إِذْ وَجَّهَهُ إِلَى الْبَصْرَةِ: يَا عُتْبَةُ، إِنِّي قَدِ اسْتَعْمَلْتُكَ عَلَى أَرْضِ الْهِنْدِ، وَهِيَ حَوْمَةٌ مِنْ حَوْمَةِ الْعَدُوِّ، وَأَرْجُو أَنْ يُكْفِيَكَ اللَّهُ مَا حَوْلَهَا، وَأَنْ يُعِينَكَ عَلَيْهَا وَقَدْ كَتَبْتُ إِلَى الْعَلاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ أَنْ يَمُدَّكَ بِعَرْفَجَةَ بْنِ هَرْثَمَةَ، وَهُوَ ذُو مُجَاهَدَةِ الْعَدُوِّ وَمُكَايَدَتِهِ، فَإِذَا قَدِمَ عَلَيْكَ فَاسْتَشِرْهُ وَقَرِّبْهُ، وَادْعُ إِلَى اللَّهِ، فَمَنْ أَجَابَكَ فَاقْبَلْ مِنْهُ، وَمَنْ أَبَى فَالْجِزْيَةَ عَنْ صَغَارٍ وَذِلَّةٍ، وَإِلا فَالسَّيْفَ فِي غَيْرِ هَوَادَةٍ وَاتَّقِ اللَّهَ فِيمَا وُلِّيتَ، وَإِيَّاكَ أَنْ تُنَازِعَكَ نَفْسُكَ إِلَى كِبْرٍ يُفْسِدُ عَلَيْكَ اخوتك، وقد صحبت رسول الله ص فَعُزِّزْتَ بِهِ بَعْدَ الذِّلَّةِ، وَقُوِّيتَ بِهِ بَعْدَ الضَّعْفِ، حَتَّى صِرْتَ أَمِيرًا مُسَلَّطًا وَمَلِكًا مُطَاعًا، تَقُولُ فَيُسْمَعُ مِنْكَ، وَتَأْمُرُ فَيُطَاعُ أَمْرُكَ، فَيَا لَهَا نِعْمَةٌ، إِنْ لَمْ تَرْفَعْكَ فَوْقَ قَدْرِكَ وَتُبْطِرْكَ عَلَى مَنْ دُونَكَ! احْتَفِظْ مِنَ النِّعْمَةِ احْتِفَاظَكَ مِنَ الْمَعْصِيَةِ، وَلَهِيَ أَخْوَفُهُمَا عِنْدِي عَلَيْكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>