يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا أَنَا مِثْلُكُمْ، وَإِنِّي لا أَدْرِي لَعَلَّكُمْ سَتُكَلِّفُونَنِي مَا كَانَ رَسُولُ الله ص يُطِيقُ، إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى مُحَمَّدًا عَلَى الْعَالَمِينَ وَعَصَمَهُ مِنَ الآفَاتِ، وَإِنَّمَا أَنَا مُتَّبِعٌ وَلَسْتُ بِمُبْتَدِعٌ، فَإِنِ اسْتَقَمْتُ فَتَابِعُونِي، وَإِنْ زُغْتُ فَقَوِّمُونِي، وان رسول الله ص قُبِضَ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ يَطْلُبُهُ بمظلمة ضربه سَوْطٍ فَمَا دُونَهَا، أَلا وَإِنَّ لِي شَيْطَانًا يَعْتَرِينِي، فَإِذَا أَتَانِي فَاجْتَنِبُونِي، لا أُؤْثِرُ فِي أَشْعَارِكُمْ وَأَبْشَارِكُمْ، وَأَنْتُمْ تَغْدُونَ وَتَرُوحُونَ فِي أَجَلٍ قَدْ غُيِّبَ عَنْكُمْ عِلْمُهُ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَلا يَمْضِيَ هَذَا الأَجَلُ إِلا وَأَنْتُمْ فِي عَمَلٍ صَالِحٍ فَافْعَلُوا، وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا ذَلِكَ إِلا بِاللَّهِ، فَسَابِقُوا فِي مَهَلٍ آجَالَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُسْلِمَكُمْ آجَالُكُمْ إِلَى انْقِطَاعِ الأَعْمَالِ، فَإِنَّ قَوْمًا نَسَوْا آجَالَهُمْ، وَجَعَلُوا أَعْمَالَهُمْ لِغَيْرِهِمْ، فَإِيَّاكُمْ أَنْ تَكُونُوا أَمْثَالَهُمْ الْجَدَّ الْجَدَّ! وَالْوَحَا الْوَحَا! وَالنَّجَاءَ النَّجَاءَ! فَإِنَّ وَرَاءَكُمْ طَالِبًا حَثِيثًا، أَجَلا مَرُّهُ سَرِيعٌ احْذَرُوا الْمَوْتَ، وَاعْتَبِرُوا بِالآبَاءِ وَالأَبْنَاءِ وَالإِخْوَانِ، وَلا تَغْبِطُوا الأَحْيَاءَ إِلا بِمَا تَغْبِطُونَ بِهِ الأَمْوَاتِ.
وَقَامَ أَيْضًا فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لا يَقْبَلُ مِنَ الأَعْمَالِ إِلا مَا أُرِيدَ بِهِ وَجْهَهُ، فَأَرِيدُوا اللَّهَ بِأَعْمَالِكُمْ، وَاعْلَمُوا أَنَّ مَا أَخْلَصْتُمْ لِلَّهِ مِنْ أَعْمَالِكُمْ فَطَاعَةٌ أَتَيْتُمُوهَا، وَخَطَأٌ ظَفَرْتُمْ بِهِ، وَضَرَائِبُ أَدَّيْتُمُوهَا، وَسَلَفٌ قَدَّمْتُمُوهُ مِنْ أَيَّامٍ فَانِيَةٍ لأُخْرَى بَاقِيَةٍ، لِحِينِ فَقْرِكُمْ وَحَاجَتِكُمْ اعْتَبِرُوا عِبَادَ اللَّهِ بِمَنْ مَاتَ مِنْكُمْ، وَتَفَكَّرُوا فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ أَيْنَ كَانُوا أَمْسَ، وَأَيْنَ هُمُ الْيَوْمَ! أَيْنَ الْجَبَّارُونَ! وَأَيْنَ الَّذِينَ كَانَ لَهُمْ ذِكْرُ الْقِتَالِ وَالْغَلَبَةُ فِي مَوَاطِنِ الْحُرُوبِ! قَدْ تَضَعْضَعَ بِهِمُ الدَّهْرُ، وَصَارُوا رَمِيمًا، قَدْ تُرِكَتْ عَلَيْهِمِ الْقَالاتُ، الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ، وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَأَيْنَ الْمُلُوكُ الَّذِينَ أَثَارُوا الأَرْضَ وَعَمَّرُوهَا، قَدْ بُعِدُوا وَنُسِيَ ذِكْرُهُمْ، وَصَارُوا كَلا شَيْءَ أَلا إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْقَى عَلَيْهِمُ التَّبِعَاتِ، وَقَطَعَ عَنْهُمُ الشَّهَوَاتِ، وَمَضَوْا وَالأَعْمَالُ أَعْمَالُهُمْ، وَالدُّنْيَا دُنْيَا غَيْرِهِمْ، وَبَقِينَا خَلَفًا بَعْدَهُمْ، فَإِنْ نَحْنُ اعْتَبَرْنَا بِهِمْ نَجَوْنَا، وَإِنِ اغْتَرَرْنَا كُنَّا مِثْلَهُمْ! أَيْنَ الْوُضَّاءُ الْحَسَنَةُ وُجُوهُهُمْ، الْمُعْجَبُونَ بِشَبَابِهِمْ! صَارُوا تُرَابًا، وَصَارَ مَا فَرَّطُوا فِيهِ حَسْرَةً عَلَيْهِمْ! أَيْنَ الَّذِينَ بَنَوُا الْمَدَائِنَ وَحَصَّنُوهَا بِالْحَوَائِطِ، وَجَعَلُوا فِيهَا الأَعَاجِيبَ! قَدْ تَرَكُوهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute