للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تحمل الرسالة الإلهية إلى البشر، كما تحمل الدليل على صدق هذه الرسالة؛ فهي الشاهد والمشهود عليه كما قال تعالى: أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ [هود: ١٧] «١» .

والقرآن معجز بلفظه ومعناه، لأنه من عند الله، فألفاظه إلهية ومعانية وعلومه إلهية، وكل منها يدل على المصدر الذي جاء منه هذا القرآن.

وهو بذلك أكبر دليل وشهادة بين أيدينا. قال تعالى: قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ [الأنعام: ١٩] فهو رسالة ومعجزة لمن نزل عليهم ولمن يأتي بعدهم إلى يوم القيامة.

وقد جعل الله العلم الإلهي الذي تحمله آيات القرآن هو البينة الشاهدة على كون هذا القرآن من عند الله كما قال تعالى: لكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً

(١٦٦) [النساء: ١٦٦] أي أنزله وفيه علمه «٢» .

ففي هذه الآية بيان لطبيعة المعجزة العلمية، التي نزلت ردا على إنكار الكافرين لنبوة محمد صلى الله عليه وسلم التي تبقى بين يدي الناس، وتتجدد مع كل فتح بشري في آفاق العلوم والمعارف ذات الصلة بمعاني الوحي الإلهي.

قال الخازن عند تفسير هذه الآية: " لكن الله يشهد لك يا محمد بالنبوة،


(١) معنى الآية: أفمن كان على بينة من ربه كمن ليس كذلك، والبينة البرهان الذي يدل على الحق، والمعنى ويتلو البرهان الذي هو البينة شاهد يشهد بصحته من القرآن أو من الله عز وجل والشاهد هو الإعجاز الكائن في القرآن أو المعجزات النبوية. فتح القدير للشوكاني بتصرف وبنحوه قال الشنقيطي فيما نقله عنه تلميذه القادري في تفسير سورة هود، وفي الشاهد أقوال أخرى انظرها مجموعة في زاد المسير لابن الجوزي.
(٢) انظر سبب النزول: ابن الجوزي، الطبري، ابن كثير، تفسير الجلالين.

<<  <   >  >>