رثى له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن توفي بمكة ومنها ما رويناه في صحيح البخارى ان النبى صلى الله عليه وسلم قال لجرير استنصت الناس فقال لا ترجعوا بعدى كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض وقال أيضا الا ان الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السموات والأرض السنة اثنى عشر شهرا منها أربعة حرم ثلاث متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب شهر مضر الذي بين جمادى وشعبان بدرا وغيرها وتوفي بمكة في حجة الوداع سنة عشر وقيل سنة سبع في الهدنة خرج مختارا من المدينة الى مكة فعلى هذا وعلى الاول سبب بؤسه موته بمكة على أى حال كان لفوت الثواب الكامل بالموت في دار هجرته قال عياض وقد روي في هذا الحديث انه صلى الله عليه وسلم خلف مع سعد بن أبي وقاص رجلا وقال إن مات بمكة فلا تدفنه بها (يرني) بالمثلثة أي يتوجع (له رسول الله صلى الله عليه وسلم ان) بفتح الهمزة (مات بمكة) هذا كله من كلام الراوى وانتهى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عند قوله لكن البائس سعد بن خولة والتفسير من كلام سعد بن أبي وقاص أو من كلام الزهري قولان قلت ينبغى للقاريء ان يفصل بين الحديث والتفسير بقال وقد ثبت لفظه قال في نسخة من نسخ صحيح مسلم بخط الحافظ الصريفيني كما نقله السيوطى في الديباج (ما رويناه في) مسند أحمد (وصحيح البخارى) وصحيح مسلم وسنن النسائي وابن ماجه قال (لجرير) ورواه أحمد والبخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجه عن عمرو رواه البخارى والنسائي عن أبي بكر ورواه البخاري والترمذي عن ابن عباس (لا ترجعوا بعدى) أى بعد وفاتي (كفارا) أى تتشبهوا بهم في قتل بعضكم بعضا (يضرب) بالرفع فقط ومن جزم احال المعني قاله عياض (وقال أيضا) فيما رواه الشيخان وغيرهما عن أبي بكرة (ان الزمان) يعني السنة (قد استدار كهيئته) أى عاد مثل حالته وكان ذلك تاسع ذى الحجة في الوقت الذي حلت فيه الشمس برج الحمل حيث يستوى الليل والنهار وكانت العرب يجعلون السنة ثلاثة عشر شهرا (منها) أى من السنة (أربعة حرم) سميت بذلك لحرمتها حتى ان الجهاد كان محرما فيها أول الاسلام ثم نسخ بفعله صلى الله عليه وسلم يوم حنين اذ دخل عليه شهر ذي القعدة وهو في جهاد ثم وقال عطاء وآخرون ان ذلك غير منسوخ ونقل عنه ابن جريج انه كان يحلف ما يحل للناس ان يقروا في الحرم ولا في الاشهر الحرم ولا ان يقاتلوا فيها وما يستحب (ذو القعدة الي آخره) فيه دليل لمن يقول ان الادب المستحب في غير هذه الاشهر ان يبدأ بذي القعدة ويختم برجب وهو الصحيح وقيل يبدأ بالمحرم ويختم بذي الحجة ليكون الاربعة من سنة واحدة (فالمحرم) هذا الاسم له اسلامي كما مر وكانوا في الجاهلية يسمونه صفر الاول وهو أفضل الاشهر الحرم وثلاثة رجب ثم ذو الحجة ثم ذو القعدة (ورجب مضر) انما أضافه اليهم ليمكنهم في تعظيمه أكثر من غيرهم أو لانهم كان بينهم وبين ربيعة اختلاف فيه فكانت مضر تجعله هذا المعروف وربيعة تجعله رمضان قولان (الذي بين جمادي وشعبان) قال النووي انما قيده هذا التقييد مبالغة في ايضاحه وازالة اللبس عنه وذلك لان العرب كانت