للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فى الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال انى اخاف الله عز وجل ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه أحب كل منهما الآخر (في الله عز وجل) أى لارياء ولا سمعة ولا لغرض دنيوي (اجتمعا عليه) في بعض نسخ البخارى على ذلك أى كان هو السبب في اجتماعهما (وتفرقا عليه) أى استمرا على ذلك حتى افترقا من مجلسهما وهما صادقان في حب كل واحد منهما لله تعالى وفي حال اجتماعهما وافتراقهما قال النووى في هذا الحديث الحث على التحاب في الله وبيان عظيم فضله وهو من المهمات فان الحب في الله والبغض في الله من الايمان وهو بحمد الله كثير يوفق له أكثر الناس أو من وفق له وعد هذه الخصلة واحدة لأن المحبة لا تتم الا من اثنين (ورجل دعته) وللبخارى طلبته (امرأة ذات منصب) أي حسب وشرف وخصها بكثرة الرغبة وعثر حصولها زاد ابن المبارك الى نفسها أي عرضت نفسها عليه ليزني بها على الصحيح قال القاضى ويحتمل أنها دعته لنكاحها فخاف العجز عن القيام بحقها أو لأن الخوف من ألله تعالى شغله عن لذات الدنيا وشهواتها (فقال) بلسانه أو بقلبه ليزجر نفسه عما دعته اليه (اني أخاف الله) زادت كريمة في صحيح البخاري رب العالمين (فأخفاها) ولا حمد فأخفى وللاصيلى في صحيح البخارى اخفاء مصدر أو حال كونه مخفيا فيه فضل صدقة السر اذا كان تطوعا لأنها أقرب الى الاخلاص وابعد من الرياء (حتى لا تعلم) بالرفع والنصب (شماله ما تنفق يمينه) هذا هو الصواب ووقع في صحيح مسلم حتى لا يعلم يمينه ما ينفق شماله قال في التوشيح وهو مقلوب وهم فيه يحيى القطان أي لأن المعروف في النفقة ان محلها اليمين والقصد المبالغة في الاخفاء فضرب المثل باليمين والشمال لقربهما وملازمتهما ومعناه لو قدرت الشمال رجلا متيقظا لما علمت بصدقته لشدة الاخفاء وقيل المراد من على يمينه وشماله من الناس قال في الديباج قال القرطبى وقد سمعنا من بعض المشايخ أن ذلك أن يتصدق على الضعيف في صورة المشترى منه فيدفع له درهما في شىء يساوي نصف درهم فالصورة مبايعة والحقيقة صدقه قال وهو اعتبار حسن (ورجل ذكر الله) بلسانه أو بقلبه حال كونه (خاليا) من الخلق ومن الالتفات الى غير الله ولو كان في ملا (ففاضت عيناه) زاد البيهقي من خشية الله تعالى والمراد فاضت دموع عينيه فهو مجاز كجرى الميزاب وقال القرطبي فيض العين بكاؤها وهو على حسب حال الذاكر وبحسب ما ينكشف له من أوصافه تعالى فان انكشف له غضبه وسخطه فبكاؤه عن خوف وان انكشف جماله وجلاله فبكاؤه عن محبة وشوق وهذا لتلون الذاكر بتلون ما يذكر من الأسماء والصفات قال وهذا الحديث جدير بان ينعم فيه النظر ويستخرج ما فيه من اللطائف والعبر انتهى (فائدة) بقيت خصال أخرى تقتضى الظل وصلها الحافظ ابن حجر الى ثمانية وعشرين وجلال الدين السيوطي الى سبعين منها رجل كان في سرية فلفوا العدو فانكشفوا فحمى آثارهم حتى نجا ونجوا واستشهد رواه ابن زنجويه عن الحسن مرسلا وابن عساكر عن أبي هريرة. ورجل غض عينيه عن محارم الله وعين حرست في سبيل الله رواه البيهقي في الاسماء من حديث أبى هريرة والتاجر الامين. والامام المقتصد. وراعى الشمس بالنهار أخرجه في الثلاثة الحاكم في تاريخه والديلمى في مسند الفردوس من حديث

<<  <  ج: ص:  >  >>