للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقاضي عياض وغيرهما من روى من المفسرين ان النبي صلى الله عليه وسلم لما رآها أعجبته ووقع في قلبه حبها واحب طلاق زيد لها قال القشيرى وهذا اقدام عظيم من قائله وقلة معرفة بحق النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبفضله وكيف يقال يراها فأعجبته وهي ابنة عمته ولم يزل يراها منذ ولدت ولا كان النساء يحتجبن منه صلى الله عليه وسلم وهو الذى زوجها لزيد قال القاضي عياض ولو كان ذلك لكان فيه أعظم الجرح ومالا يليق به من مد عينيه الى ما نهى عنه من زهرة الحياة الدنيا ولكان هذا نفس الحسد المذموم الذى لا يرضاه الله ولا يتسم به الاتقياء فكيف سيد الانبياء ولما طلقها زيد وانقضت عدتها منه بعثه النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليخطبها له قال زيد فلما رأيتها عظمت في صدرى حتى ما استطيع ان أنظر اليها حين علمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذكرها فوليتها ظهرى ونكصت على عقبى فقلت يا زينب أرسل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يذكرك قالت ما أنا بصانعة شيأ حتى أوامر ربى فقامت القاسم عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك القشيري نسبة الى قشير بالتصغير ابن كعب صحب أبا على الدقاق وكان شيخه في طريق القوم وجمع علوما شتى وله على مذهب الامام الاشعري كلام في غاية البلاغة وتفقه في مذهب الشافعي على الاستاذ أبي اسحاق الاسفراينى وفي الحديث على أبي بكر بن فورك توفي سنة خمس وستين وأربعمائة ودفن بنيسابور بجنب شيخه أبي على الدقاق (والقاضى عياض) في الشفاء (وغيرهما) كالسبكي وصاحب الانوار (ولكان هذا نفس) بالفتح خبر كان (يتسم) بتشديد الفوقية يقال اتسم بالشى اذا جعله سمة أي علامة (تنبيه) ما قاله القشيرى والقاضى وغيرهما من تنزيهه صلى الله عليه وسلم عن ما ذكر لاشك انه في غاية الحسن لكن قال البغوى وغيره القول الآخر وهو انه اخفاء محبتها أو نكاحها لو طلقها زيد لا يقدح في حال الانبياء لان العبد غير ملوم على ما يقع في قلبه من مثل هذه الاشياء ما لم يقصد فيه المأثم لان الود وميل النفس من طبع البشر وقوله أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ أمر بالمعروف وهو حسنة لا إثم فيه انتهى قال الغزالى ولعل الحكمة فيه من جانب الزوج امتحان ايمانه بتكليفه النزول عن أهله ومن جانبه صلى الله عليه وسلم الابتلاء ببلية البشرية يعنى ميل القلب الى تزوج المرأة عند وقوع بصره الشريف عليها وبالمنع من الاضمار المخالف للاظهار (صلى الله عليه وسلم ليخطبها له) فيه انه لا بأس ان يبعث الرجل لخطبة المرأة من كان زوجا لها اذا علم عدم كراهيته لذلك كما كان حال زيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم (عظمت في صدري الى آخره) أى هيبتها وعظمتها من أجل (ان رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرها) وأن بفتح الهمزة (ونكصت) أي رجعت (على عقبى) بالتثنية وذلك انه جاء ليخطبها وهو ينظر اليها وكان ذلك قبل نزول الحجاب فغلب عليه الاجلال فولاها ظهره لئلا يسبقه النظر هذا معنى كلام النووى (حتي أوامر) أي استخير (ربى) فيه استحباب صلاة الاستخارة وهو موافق لما في البخارى عن جابر كان رسول الله صلى الله عليه وسلم

<<  <  ج: ص:  >  >>