فأنفذت له قريش جواره بشرط أن لا يعلن بقراءته ولا صلاته فعمل بشرطهم أياما ثم بدا له أن يعلن فأعلن فأخبرت قريش ابن الدغنة فقدم عليه ولازمه على شرطه الاول أو يرد عليه جواره فرد عليه أبو بكر ذمته ورضي بجوار الله عز وجل وتجهز أبو بكر قبل المدينة. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على رسلك وانى أرجو أن يؤذن لى فأحتبس أبو بكر لذلك وعلف را حلتين كانتا عنده الخبط أربعة أشهر. قالت عائشة فبينما نحن يوما جلوس في نحر الظهيرة قال قائل لابى بكر هذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم متقنعا في ساعة لم يكن يأتينا فيها فقال أبو بكر فدا له أبى وأمي والله ما جاء به في هذه الساعة الا أمر. فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. قال لأبى بكر اخرج من عندك فقال انما هم أهلك قال فانى قد أذن لى في الخروج قيل بكى أبو بكر حينئذ فرحا. وقال بأبى أنت وأمى يا رسول الله فخذ احدى راحلتى هاتين. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالثمن قالت عائشة فجهزنا هما أحث الجهاز وصنعنا لهما سفرة في جراب فقطعت أسماء بنت أبى بكر قطعة من نطاقها فربطت بها على فم الجراب فبذلك سميت- ذات النطاقين- واستأجرا رجلا فقال ان أبا بكر لا يخرج ولا يخرج مثله اتخرجون رجلا يكسب المعدوم ويصل الرحم ويحمل الكل ويقري الضيف ويعين على نوائب الحق فانفذت قريش جواره وأمنوا أبا بكر وقالوا لابن الدغنة مر أبا بكر فليعبد ربه في داره ويصل مهما شاء وليقرأ مهما شاء ولا يؤذينا ولا يشنغلن بالصلاة والقراءة في غير داره ففعل ثم بدا لابي بكر فابتنى مسجدا في فناء داره فكان يصلي ويقف عليه نساء المشركين وأبناؤهم يعجبون منه وينظرون اليه وكان أبو بكر رجلا بكاء لا يملك دموعه حين يقرأ القرآن فافزع ذلك أشراف قريش فأرسلوا الى ابن الدغنة فأتاهم ورد عليه أبو بكر جواره (على رسلك) الرسل بكسر الراء الرفق والتؤدة كالرسلة والترسل (الخبط) بمعجمة وموحدة مفتوحتين ورق السمر (نحر الظهيرة) وقت زوال الشمس (متقنعا) منصوبه على الحال وفي القرآن الكريم وهذا بعلي شيخا ومتقنع ومقنع مغط وجهه ورأسه (الا أمر) أي الا أمر عظيم جليل فالتنوين للتعظيم كما في قولهم شر أهر ذا ناب أي شر عظيم جعله يهر (احث جهاز) أي أسرعه والجهاز بمعجمة مكسورة ما يحتاج اليه المسافر في طريقه من طعام وغيره (سفرة) بمهملة مضمومة والسفرة طعام المسافر وقد يراد بها الجلد الذى يجعل عليه الطعام (نطاقها) النطاق ككتاب شقة تلبسها المرأة وتشد وسطها فترسل الاعلى على الاسفل الى الارض والاسفل ينجر على الارض ليس لها حجزة ولا نيفق ولا ساقان (فبذلك سميت ذات النطاقين) في غير هذا الكتاب وذات النطاقين أسماء بنت أبي بكر لانها شقت نطاقها ليلة خروج النبي صلى الله عليه وسلم الى الغار فجعلت واحدة لسفرة رسول الله صلى الله عليه وسلم والاخرى عصاما