الندوة وتشاوروا في أمره فتصور لهم ابليس لعنه الله في صورة شيخ نجدى مشاركا لهم في الرأي فتحدثوا أن يربطوه في الحديد ويغلقوا دونه الابواب حتى يموت أو ان يخرجوه من بين أظهرهم فيستريحوا منه او ان يجمعوا من كل قبيلة رجلا فيقتلونه دفعة واحدة فيفترق دمه بين القبائل حتى يعجز قومه عن طلب الثأر وهو رأى أبى جهل فحسنه لهم الشيخ النجدى وتفرقوا على ذلك ولما قصدوا لذلك أخبر جبريل النبى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وأمره أن يغير فراشه فقال النبى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم لعلي نعم على فراشى وتسج ببردى هذا الحضرمي الاخضر فنم فيه فانه لن يخلص اليك شيء تكرهه ولما قعدوا على بابه لذلك خرج عليهم صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وبيده حفنة من التراب فجعل ينثره على رؤسهم وهو يتلو صدر سورة يس فأتاهم آت فقال لهم ما تنتظرون قالوا محمدا قال لهم خيبكم الله قد خرج والله عليكم محمد ثم ما ترك رجلا منكم الا وقد وضع على رأسه ترابا فتفقدوا ذلك فوجدوه كما قال ثم نظروا الى الفراش فوجدوا عليا عليه السلام مسجي بالبرد فبقوا حينئذ متحيرين حتى أصبحوا فقام على عليه السلام فحين رأوه قالوا والله لقد صدقنا الذى حدثنا فنزل في ذلك قوله تعالى وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ وقوله تعالى أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ
ربيعة والعباس بن عبد المطلب وأبو جهل بن هشام بن المغيرة فنظر اليها عتبة تخفق أبوابها يبابا ليس فيها ساكن فلما رآها كذلك تنفس الصعداء ثم قال:
وكل دار وان طالت سلامتها ... يوما ستدركها النكباء والحوب
(دار الندوه) هي دار قصى بن كلاب التى كانت قريش لا تقضي أمرا الا فيها (فتصور لهم ابليس في صورة شيخ نجدي) قال ابن اسحاق فيما يرويه عن ابن عباس رضى الله عنهما قال لما أجمعوا لذلك واتعدوا ان يدخلوا في باب الندوة ليتشاوروا فيها في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم غدوا في اليوم الذي اتعدوا فيه وكان ذلك اليوم يسمى يوم الزحمة فاعترضهم ابليس لعنه الله في هيئة شيخ جليل عليه بت له فوقف على باب الدار فلما رأوه واقفا على بابها قالوا من الشيخ قال شيخ من أهل نجد سمع بالذي اتعدتم له فحضر معكم ليسمع ما تقولون وعسى ان لا يعدمكم منه رأيا ونصحا قالوا أجل فادخل فدخل معهم لعنه الله وقد اجتمع فيها أشراف قريش ثم عدهم واحدا واحدا (تسج) أي تغط (ببردي هذا الحضرمي) بالفتح ثم السكون وفتح الراء نسبة إلي حضرموت بفتح الميم ناحية واسعة في شرقي عدن بقرب البحر وحولها رمال كثيرة تعرف بالاحقاف وقال أبو عبيدة حضرموت ابن قحطان نزل هذا المكان فسمي به فهو اسم موضع واسم قبيلة