وقول المؤلف رحمه الله:(في محكم التنزيل) ، قلنا: إنه يريد به القرآن، والقرآن لا شك أنه محكم متقن، في ألفاظه ومعانيه وفي جميع ما يتعلق به؛ أخباره صدق، وأحكامه عدل، لا تجد فيه تناقضاً:(وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً)(النساء: الآية٨٢) .
ولكن قد يشكل على هذا أن الله تعالى سماه في موضع متشابها، فقال:(اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً)(الزمر: الآية٢٣) ، والمتشابه ضد المحكم؛ لأن المتشابه يوجب لمن نظر فيه الحيرة والتردد، فلا يكون محكما.
والجواب عن ذلك أن يقال: إن التشابه الذي وصف به القرآن، ليس التشابه الذي هو خفاء المعنى، بل التماثل والتساوي، يعني أنه متماثل يشبه بعضه بعضاً؛ في كماله، وجودته، وإصلاحه للقلوب والأعمال.
ولهذا لما أريد بالمتشابه المشتبه في معناه قسم الله تعالى القرآن إلى قسمين: محكم، ومتشابه، فقال جل وعلا: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ