للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

ثم قال المؤلف رحمه الله تعالى:

١٥٧- فإنهم قد شاهدوا المختارا ... وعاينوا الأسرار والأنوارا

١٥٨- وجاهدوا في الله حتى بانا ... دين الهدى وقد سما الأديانا

١٥٩- وقد أتى في محكم التنزيل ... من فضلهم ما يشفي للغليل

ــ

الشرح

قوله: (فإنهم) هذا تعليل لقوله: (وليس في الأمة كالصحابة) ؛ لأنهم قد شاهدوا المختارا وهذا تعليل وليس بدليل، الدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم)) (١) ، وهذه الخيرية شاملة لخيرية العلم، وخيرية العبادة، وخيرية الأخلاق.

وقوله: (شاهدوا المختارا) ، يعني بذلك النبي صلى الله عليه وسلم الذي اختاره الله تعالى لهذه الرسالة العظيمة التي قال الله تعالى عن الكتاب الذي هو مصدر أساسها: (إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً) (المزمل: ٥) ، هو ثقيل في العمل به وتحمله وإبلاغه وغير ذلك، ولهذا قال: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ القرآن تَنْزِيلاً) (الإنسان: ٢٣) (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ) (الإنسان: الآية٢٤) ، ولم يقل فاشكر نعمة الله؛ لأنه ثقيل بل قال: (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ) (الإنسان: الآية٢٤) ، أي: اصبر لحكم الله الشرعي والكوني الذي يترتب على هذا التنزيل، وهذا يدل على أنه سيناله منه ما يحتاج إلى صبر فلذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم مختاراً؛ لأنه أفضل الرسل عليهم الصلاة والسلام وأنه إمامهم وأنه الذي أخذ على الرسل إذا بعث أن يؤمنوا به وينصروه.

وقوله: (وعاينوا الأسرار والأنوار) ، أي أسرار الشريعة وعرفوا أسبابها ولا


(١) تقدم تخريجه ص ٥٩.