والإنس، ثم قال تعالى:((وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ)(الرحمن: ٤٦)(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ)(الرحمن: ٤٧)(ذَوَاتَا أَفْنَانٍ)(الرحمن: ٤٨)(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ)(الرحمن: ٤٩)) ، وهذا للجن والإنس فالسياق واحد والخطاب واحد. إلى أن قال تعالى:(فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ)(الرحمن: ٥٦) فلم يطمثهن إنس فيفسدهن على الإنس، ولا جان فيفسدهن على الجن.
وهذا هو الصحيح المقطوع به، أن المسلم من الجن يدخل الجنة، وهذا هو مقتضى حكمة الله وعدل الله عز وجل.
ولكن يبقى النظر هل أرسل من الجن رسول؟ فيه خلاف، قيل لا، لقوله تعالى:(وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ)(يوسف: الآية ١٠٩)) ، وقيل: بل منهم رسول لقول الله تعالى: (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ)(الأنعام: الآية ١٣٠)) فهو يخاطب الجن والإنس يقول: (أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ) إِنس من الإنس وجِن من الجن.
وأما قوله تعالى:(وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى)(يوسف: الآية ١٠٩)) فإن الذكور من الجن يسمون رجالاً، كما قال الله تعالى:(وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ)(الجن: الآية ٦)) ، فالجن فيهم رجال كما في هذه الآية الكريمة، وعلى هذا فلا يتم الاستدلال بقوله:(وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى) ، ويكون ظاهر قوله: (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ