الشيخ: هذه الرواية أقرب الروايات لأنك إذا تأملت البر والتمر والشعير وجد أنها مكيلة وفي نفس الوقت مطعومة ففيها الكيل والطعم بل فيها زائد على ذلك وهو القوت أنها قوت تقتات وتدخر والواجب ألا نلحق بهذه المذكورات المعينة في الحديث إلا ما كان مطابقاً لها تماماً لأن الأصل الحل أحل الله البيع فكل بيع فهو حلال إلا ما دلت النصوص على تحريمه ونحن لا نجزم بأن كل مكيل ففيه ربا أو كل موزون فيه ربا لا نجزم بهذا وعلى هذا فيجب أن نعتني بتحقيق المناط في مسألة الأعيان المعينة في الحديث وأن نلحق بها ما كان يماثلها تماماً فالبر والتمر والشعير كلها في الحقيقة أقوات وكلها مدخرة وكلها مكيلة فيبقى عندنا الملح والملح يقول شيخ الإسلام إنه مما يصلح به الطعام فالناس مضطرون إليه وطعام بلا ملح لا ذوق له ولا شهية له فلما كان الطعام محتاجاً إليه ولابد منه أجري مجرى الطعام وأما الذهب والفضة فالعلة كونهما ذهب وفضة بدليل جريان الربا في الحلي لكن هناك أيضاً ما يدل على أن العلة الأخرى مقصودة وهي الثمنية لأنها في الواقع أي الذهب الفضة هي أثمان الأعيان فالناس تقول بعني الدار بمائة جنيه يعني بمائة دينار أو بعني البعير بعشرة دراهم أو بدينار مثلاً فهي قيم الأشياء فالثمنية فيها واضحة ومعلوم أنها إذا كانت قيم الأشياء صارت محلاً لتلاعب التجار واستعمال الربا فيها فالظاهر أن نقول في مسألة الذهب والفضة العلة الثمنية كما قال المؤلف (غالباً) وما خرج عن الثمنية من الذهب والفضة فإن العلة فيه أنه ذهب وفضة وبعض العلماء يقول لا يقاس غيرها عليها إطلاقا وهؤلاء الظاهرية يقولون لا يمكن أن يحلق بهذه الأعيان الستة سواها لأن النبي عليه الصلاة والسلام أفصح الخلق وقد خص عليه الصلاة والسلام بأنه اختصر له الكلام وأعطي جوامع الكلم فلو كان ما ذكره هؤلاء القياسيون لكان الرسول يأتي بلفظ عام يريح الأمة من الخلاف والنزاع فلما عين هذه الأشياء وجب