يقول المؤلف يليه الإفراد وعلل ذلك بأنه يأتي بالنسكين كاملين ويعني هذا أن المفرد إذا حج اعتمر بعد الحج وهذا فيه نظر لأن العمرة بعد الحج لم تكن معروفةً عند السلف ولم تقع إلا في قضيةٍ واحدة معينة ومن المعلوم أن الصحابة منهم المفرد ومنهم القارن ومنهم المتمتع فهل الذين أفردوا خرجوا إلى الحلّ وأتوا بالعمرة بعد الحج؟ لا ولهذا يكون تعليل المؤلف رحمه الله بأنه يأتي بنسكين كاملين يكون تعليلاً عليلاً ونقابله بأن القارن يمتاز عن المفرد بحصول نسكين اقتدى فيهما بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وبأن القارن يحصل منه هدي لأن القارن عليه هدي كالمتمتع وهذا زيادة على المفرد فالصواب أن الأفضل التمتع ثم القران وإن لم يسق الهدي ثم الإفراد هذا هو الصواب في هذه المسألة.
فصلٌ
القارئ: ويستحب للقارن والمفرد إذا لم يكن معهما هديٌ أن يفسخا نيتهما بالحج وينويا عمرةً مفردة ويحلا من إحرامهما بطوافٍ وسعيٍ وتقصير ليصيرا متمتعين لحديث جابر ويروى عن إبراهيم الحربي أنه قال: قال سلمة بن شبيب لأحمد بن حنبل يا أبا عبد الله كل شيءٍ منك حسنٌ جميل إلا خُلةً واحدة تقول بفسخ الحج فقال أحمد قد كنت أرى أن لك عقلاً عندي ثمانية عشرة حديثاً صحاحاً جياداً كلها في فسخ الحج أتركها لقولك فأما من ساق الهدي فليس له ذلك للحديث ولقول الله تعالى (وَلا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ).