للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد يتكاسل يقول والله ما قدرت أنا موظف ومشغول فيطعم ستين مسكيناً فالمسألة وإن كانت من حيث النظر قوية لكن النظر شيء والإفتاء شيء آخر وهذا من فقه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو حق وسياسة حكيمة إذا خشيت من الناس أن يتتابعوا على أمر محرم فلا بأس أن تعاملهم بالأغلظ لأنه إذا كان فاعل المحرم يعزر ويحدث له عقوبة فكيف إذا أردنا أن نمنعه من أن يفعل المحرم لذلك نرى أن الفتوى في ذلك غير وجيهة وإن كانت قوية في النظر لئلا يتتايع الناس في هذا الأمر العظيم فإن عمر كان يعلم أن طلاق الثلاث واحدة وأن الرجل إذا قال أنتي طالق أنتي طالق أنتي طالق فهي واحدة وكانت كذلك في أول عهده في سنتين من عهده لكن لما رأى الناس تتايعوا في هذا الأمر وهلكوا فيه وتجرؤوا على المحرم ألزمهم بما ألزموا به أنفسهم لأن القائل أنتي طالق أنتي طالق أنتي طالق ماذا يريد؟ يريد البينونة فألزمهم رضي الله عنه بذلك ومنعهم من الرجوع ولذلك قال (أرى الناس قد تتايعوا في أمر كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم) إذاً هو رأي اتخذه عمر سياسة لمنع الناس من هذا الفعل المحرم والتعجل فيما جعل الله لهم فيه أناة وكذلك بيع أمهات الأولاد كان جائزاً في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام وعهد أبي بكر تباع أم الولد لكن لما رأى عمر أن الناس لن ينتهوا عن هذا وأنهم يفرقون بين السرية وأولادها الصغار ينكسر قلبها ويفزع الصغار فمنع بيع أمهات الأولاد سياسة وفي عهد الرسول (لما حذر الرسول عليه الصلاة والسلام من التفريق بين المرأة وولدها) التزم الناس بهذا وصاروا لا يفرقون بين أمهات الأولاد وأولادهم إلا إذا كبروا واستقل الولد تباع لكن عمر رأى المنع مطلقاً لأن الناس تهاونوا في هذا الأمر فكان هذا سياسية فهذه مسألة ينبغي لطالب العلم أن يلاحظها في الفتوى ومثلاً النقاب جائز من حيث هو نقاب وكان النساء في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ينتقبنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>