وأما الحجامة فنقول إذا حجم الإنسان فإنه سوف يكون باختياره أو احتجم أي طلب من يحجمه فسيكون أيضا باختياره ولهذا لم يقسمها الرسول صلى الله عليه وسلم كما قسم القيء بل قال (أفطر الحاجم والمحجوم) والحديث صححه الإمام أحمد وغيره ولا معارض له على وجه صحيح وفي حديث ابن عباس (أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهومحرم واحتجم وهو صائم) وفيه كلام للعلماء فليس معارضاً صحيحاً ونقول أما فطر المحجوم فظاهر مناسبته للحكمة والغاية الحميدة التي جاءت بها الشريعة لأن المحجوم سينزف منه دمٌ كثير ومعلوم أن هذا يضعف البدن ويرهق البدن فمن رحمة الله بعباده أن من احتجم أفطر وحينئذ نقول إن كان احتجامه لضرورة جاز في الفرض والنفل ونقول له الآن كل واشرب وإن كان لغير ضرورة حرم في الفرض وجاز في النفل ونقول لمن كان متنفلا وأراد أن يحتجم احتجم ولكن كل واشرب لأنك أفطرت من أجل أن تعيد للبدن قوته فكان هذا مناسباً تماماً للحكمة لكن ما هي الحكمة في الحاجم؟ الحاجم لم يخرج منه دم قال بعض أهل العلم إن هذا تعبد ما ندري لكن النبي صلى الله عليه وسلم قال (أفطر الحاجم) وقلنا سمعاً وطاعة وعلى العين والرأس أما ما الحكمة؟ فعقولنا أقصر من أن تدرك جميع حكم الله ولا ندري لكننا نتعبد لله بذلك وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله الحكمة أن الحاجم حسب الطريقة المعروفة في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام لابد أن يمص القارورة التي يحجم بها وعند المص لا بد أن يصعد إليه شيء من دم الإنسان من غير أن يشعر بدخوله لكن تعمد أن يمص وهو يعرف أنه لا بد أن يجتذب نفسه شيئاً من الدم وإذا وصل إلى معدته شيء من الدم أو غير الدم فإنه يفطر فإن كانت هذه العلة مستقيمة فذاك وإن لم تكن العلة مستقيمة فالعلة طاعة الله ورسوله (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) ونحن