اختلفوا في ذلك إلى نحو ستة أقوال في تحديد ذلك. ونحن سنأخذ المشهور عندهم فقط.
- فالمشهور الذي هو المذهب عند الأحناف أن: - أن المصر: كل موضع له قاض ومفت ووال يقيم الحدود. فإذا وجدت هذه الأشياء اعتبرنا هذا المكان مصر أو مدينة وإلا فهي قرية.
- الضابط الثاني: وهو المشهور عن أبي يوسف من الأحناف - أن المصر هو الموضع الذي اجتمع أهله في المسجد الجامع لم يسعهم.
= القول الثالث: - والأخير: أن الجمعة تقام في كل جماعة أقاموا في مكان واحد ولو بلا بناء ولو كانوا في الخيام بشرط أن لا يتنقلوا لطلب الكلأ والماء.
وهذا القول اختاره شيخ الاسلام رحمه الله.
والأقرب والله أعلم مذهب الجمهور مع قوة ما اختاره شيخ الاسلام إلا أني أظن أنه يندر أن يوجد أناس يسكنون سكناً دائماً في خيام بل متى اتخذ الإنسان الخيمة صار التنقل من صفته ولو أراد أن يتخذ مكاناً للإقامة الدائمة لم يكتف بالخيمة بل يتخذ بناء.
وشيخ الاسلام رحمه الله نوعية البناء سواء كانت من طين أو من حجر أو من نخل فهذل ليس له أي علاقة بالحكم إنما المهم أن يكون مقيماً وفي الحقيقة كما قلت لكم الخلاف بين الجمهور وشيخ الاسلام قد يكون ضيق جداً لأنه يندر أن يوجد مجموعة من الأعراب يسكنون سكناً دائماً في الخيام في موضع واحد.
والأعراب الآن إذا أرادوا أن يسكنوا في مكان واحد دائماً لابد أن يضعوا شيئاً أكثر من الخيام فيبنوا بناء ولو كان بسيطاً.
إذاً الأقرب قول الجماهير مع أن الخلاف ضيق بينهم وبين شيخ الاسلام.
وقبل أن ننتقل عن هذه المسألة نسيت أن أذكر لكم تحرير محل النزاع فنقول:
- اتفق الفقهاء كلهم على أن أهل الخيام الذين يتنقلون لا تجب عليه الجمعة بالإجماع.
- واتفق الفقهاء على أن أهل الصحارى البعيدة عن المدن الذين لم يتخذوها موطناً وبناءً لا تجب عليهم الصلاة بالإجماع.
واختلفوا فيما عدا هذا مما ذكرته في الأقوال.
إذاً عرفنا الآن أن الاستيطان في قرية شرط صحيح وأن المتنقلون لا يجوز لهم أن يقيموا الجمعة.
وبناء على هذا:
- كما قلت أهل الخيام لا تجب عليهم الجمعة ولا تصح منهم.
- وأهل السفن لا تجب عليهم الجمعة ولا تصح منهم - خلافاً لما قلته أمس -.