للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويشترط لهؤلاء: أن يكونوا من أهل الوجوب. لذلك يقول رحمه الله: من أهل وجوبها. وقد بين رحمه الله أهل الوجوب عند قوله: (تلزم كل ذكر حر ... ) إلى آخره.

وكونه يشترط لصلاة الجمعة العدد أو الجماعة أمر متفق عليه بين الفقهاء إلا من شذ ولم يعتبر بقوله.

لكنهم اختلفوا في العدد المشروط - فهم اتفقوا على اشتراط العدد واختلفوا فيه - على أقوال كثيرة أوصلها الحافظ بن حجر إلى خمسة عشر قولاً نأخذ منها فقط رؤوس الأقوال القوية:

= فالحنابلة: يرون أنه يشترط حضور أربعين من أهل الوجوب. فإن قَلَّ العدد عن هذا بواحد لم تصح جمعة.

واستدلوا على هذا:

- بأن أول جمعة صليت بالمدينة صلى فيها أربعون من أهل الوجوب.

والجواب على هذا الدليل: أن هذه الواقعة واقعة عين لا عموم لها فربما لو كانوا أكثر أو أقل لصحت الصلاة.

والقاعدة الأصولية تقول: ((وقائع الأعيان لا عموم لها)).

- واستدلوا بأحاديث فيها النص على اشتراط حضور أربعين. وكل حديث فيه النص على اشتراط حضور أربعين فهو ضعيف وبذلك ننتهي من مناقشة كل حديث.

= القول الثاني: وهو مذهب المالكية. قالوا: أنه لابد من حضور اثنار عشر رجلاً. فإن قَلُّوا عن هذا العدد لم تصح.

واستدلوا على هذا:

- بأن النبي صلى الله عليه وسلم خطب بأصحابه يوماً وقد كانوا ينتظرون عيراً تقدم من الشام فلما قدمت انفضوا إليها ولم يبلق معه إلا اثنا عشر رجلاً ومع ذلك صلى بهم الجمعة صلى الله عليه وسلم. فدل على أن هذا العدد هو أقل عدد.

والذين بقوا من الصحابة وهم الاثني عشر هم العشرة المبشرون بالجنة وبلال وابن مسعود رضي الله عنهم أجمعين وأما الباقون فقد خرجوا.

والجواب عن هذا الحديث: أن هذه واقعة عين أيضاً لا عموم لها أبداً وصادف مصادفة وجود هذا العدد ولو بقي رجل لم يخرج لصاروا ثلاثة عشر ولو خرج أحد الاثنا عشر لكانوا إحدى عشر. فهي واقعة عين لاعموم لها قطعاً.

= القول الثالث: أن العدد المشترط ثلاثة: وهو رواية عن أحمد اختارها شيخ الاسلام.

- لأن أقل الجمع ثلاثة.

- ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مامن ثلاثة لا تقام فيهم صلاة الجماعة إلا استحوذ عليهم الشيطان).

والجواب على هذا الحديث: من وجهين:

<<  <  ج: ص:  >  >>