وهذا مذهب لبعض الفقهاء واختاره شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله واستدل على ذلك بدليلين:
- الأول: أنه لم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم أبداً اشتراط الموالاة في جمع التقديم.
- الثاني: أن في اشتراط هذا الشرط مشقة لأنه يجب على من أراد أن يجمع أن يراعي أن تكون الثانية بعد الأولى مباشرة. وسيأتينا الحد في التفريق في كلام المؤلف.
وما اختاره شيخ الاسلام في هذه المسألة فيما يظهر لي ضعيف: - أما قوله لم يأت نص بل جميع النصوص التي فيها جمع النبي صلى الله عليه وسلم يصلح أن تكون دليل لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول:(صلوا كما رأيتموني أصلي) ولما أراد أن يجمع لم يفرق ولا في صلاة واحدة ومداومة النبي صلى الله عليه وسلم على الموالاة دليل على أنها شرط كما قلنا في الوضوء في المضمضة والاستنشاق وكما قلنا لما قررنا أنه لا يجب على الإنسان أن يتوضأ في كل صلاة إذا كان على طهارة وأن الدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم في فتح مكة صلى الصلوات بوضوء واحد ولما سأله عمر رضي الله عنه قال: عمداً صنعت لتعلموا أنه ليس بواجب. - هذا معنى الحديث - فهذه النصوص تدل على أن مواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على شيء معين دليل على اشتراطه لذلك أن مذهب شيخ الاسلام ضعيف ولا أقول أن مذهب الجمهور أحوط بل أقول أنه أرجح دليلاً بالإضافة إلى أنه أحوط ويمكن أن نقول:
= قول ثالث: وهو أن الموالاة شرط يسقط عند الحاجة والعذر - كما نقول في كثير من الشروط منها الموالاة في الوضوء أنها شرط لصحة الوضوء وتسقط عند الحاجة كذلك نقول هنا أن الموالاة في جمع التقديم شرط لا يصح الجمع إلا به إلا عند الحاجة من صور الحاجة: أن يصلي الإنسان الظهر ولا ينوي الجمع ولا يصلي بعدها العصر وهو مسافر - مثلاً - ثم بعد مضي ساعة أو مضي ساعتين تطرأ عليه حاجة بأن يحتاج أن يجمع ولا ينتظر إلى دخول وقت العصر فهو الآن لم يجمع ثم طرأ له عذر يلجأه إلى الجمع فنقول لك الآن أن تجمع.