ففي الباب آثار وذكرت ثلاثة منها وقد ذكر عبد الرزاق قي مصنفه وابن أبي شيبة عدداً من الآثار وذكر ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار في مسند عمر ومسند علي عدداً من الآثار ربما لو تفرغ لها الإنسان وجمع الآثار المشابهة لهذه الآثار لجاءت عدداً لا بأس به من الآثار التي عن الصحابة التي بقوا فيها مدداً طويلة يقصرون الصلاة لأنهم عازمون على الرجوع إلى بلد الإقامة.
إذاً الخلاصة أن هذه الآثار تجعل الإنسان يرجح القول القائل بأنه وإن بقي مدة طويلة للدراسة أو للعمل فما دام عازماً على الرجوع ويعتبر نفسه مسافراًَ أنه يترخص برخص السفر وإذا أراد الإنسان أن يحتاط في هذه المسألة والخلاف فيها قوي جداً ووجهة نظر القائلين بأنه إذا أخذ مكاناً وزوجة وتأهل يتم وأن أحكام السفر انقطعت عنه فليس بالمسافر قولهم قوي ووجيه ولكن من حيث الدليل يظهر لي أن الأقرب للآثار المروية عن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه يترخص برخص السفر.
• ثم قال رحمه الله:
أو ملاحاً معه أهله لا ينوي الإقامة ببلد: لزمه أن يتم.
إذا كان الإنسان ملاحاً في سفينة فإنه يتم بشرطين:
أن تكون السفينة هي بيته.
وأن يكون معه أهله.
فإذا كانت السفينة هي بيته ومعه أهله فهذا في الحقيقة لا يعتبر مسافراً بل مقيم لأنه لا يوجد بيت يرجع إليه فهو ليس بظاعن وإنما مقيم.
فإذا انطبق الشرطان وجب عليه أن يتم ولا يجوز له أن يترخص ولا في أثناء تنقله من المدن من مدينة إلى مدينة فإنه يبقى مسافراً.
= والقول الثاني: وهو للشافعية أن الملاح الذي اتخذ السفينة بيتاً ومعه فيها أهله يقصر الصلاة لأنه وإن اتخذها بيتاً ومعه أهله فهو مسافر يقطع المسافات ذهاباً وإياباً ولا يستقر ببلد معين ولا يمكن أن نعتبر السفينة هي موطن نهائي لهذا الملاح.
والصواب مع الجمهور لأن هذا الملاح لا يعتبر مسافراً فهو في بيته وبين أهله ولا ينتظر رجوعاً فليس له مكان يرجع إليه وإنما هذا هو مكانه.
لكن السؤال: هذا الملاح إذا قررنا أن سفينته بيته إذا نزل إلى المدينة التي خرج منها هل يقصر؟