بعض الصحابة، وذلك امتثالاً لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم -.
بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - أسامة بن زيد - رضي الله عنه - في مرضه الذي توفي فيه (١)، وندب الناس إلى غزو الروم، وكان تجهيز جيش أسامة قبل وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بيومين، وكان ذلك يوم السبت، وقد كان ابتداء ذلك قبل مرض النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم اشتد به مرضه، فأمر بإنفاذ جيش أسامة، وتوفي - صلى الله عليه وسلم - فعَظُم الخطب، واشتد الحال، وظهر النفاق بالمدينة، وارتدت أحياء من العرب حول المدينة، وامتنع آخرون من دفع الزكاة، ولم يبق للجمعة مقام في بلد سوى مكة والمدينة، وكانت جواثا من البحرين أول قرية أقامت الجمعة بعد رجوع الناس إلى الحق؛ وثبتت ثقيف بالطائف على الإسلام لم يرتدوا.
وعندما وقعت هذه الأمور أشار كثير من الناس على أبي بكر الصديق ألا ينفذ جيش أسامة لاحتياجه إليه فيما هو أهم؛ لأن ما جُهِّز بسببه في حال السلامة.
وكان من جملة من أشار بذلك عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فامتنع الصديق من ذلك، وأبى أشد الإباء إلا أن ينفذ جيش أسامة، وقال كلمته العظيمة: واللَّه لا أحل عقدة عقدها رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -، ولو أن الطير تخطفنا والسباع من حول المدينة، ولو أن الكلاب جرت
(١) انظر: البخاري مع الفتح، كتاب المغازي، باب بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - أسامة بن زيد - رضي الله عنه -، ٨/ ١٥١، ١٥٢.