فلا تعارض- كما علمت- بين هذه الآيات؛ لأن كلا منها قد وصف فيها القرآن بالأوصاف التى تخصه على وجه من الوجوه اللغوية السابقة.
فالمحكم من الآيات- بهذا الاعتبار- يجب العمل به.
والمتشابه- بهذا الاعتبار- قد جاء للإيمان به والاجتهاد فى معرفة تأويله على النحو الذى يردّ فيه إلى المحكم.
فقوله تعالى- مثلا- يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ وقوله: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ (الأنعام: ١٠٣) لا يترتب عليه حكم شرعى يجب العمل به، بل هو من الأمور الاعتقادية التى يكفى الإيمان بها مع التوقف فى تأويلها أو تأويلها على المعنى الذى لا يتعارض مع قوله- جل وعلا: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ.
والراسخون فى العلم هم المتثبّتون فى العلم، لا تزيغ قلوبهم عن الحق ولا تدفعهم أهواؤهم إلى التأويل البعيد، ولا يطلبون للمتشابه علة بل يؤمنون به؛ لأنه من عند الله وكفى.