للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من العدوِّ في

الوقت الذي يَأْمُرُ فيه بالاتصالِ (١) بخالقِ هذا الكونِ، والتأدبِ بالآدابِ الروحيةِ السماويةِ، التي هي الصلاةُ في الجماعةِ، هكذا أوامرُ القرآنِ، الاتصالُ بالله، وتربيةُ الأرواحِ وتهذيبُها على ضوءِ النورِ السماويِّ، مع القوةِ الجسميةِ الماديةِ في جميعِ مظاهرِها مَهْمَا تَطَوَّرَتْ، وتسمعونَ اللَّهَ يقولُ في سورةِ الأنفالِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ} [الأنفال: آية ٤٥] قولُه: {إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً} يعنِي: إذا الْتَقَى الصفانِ وقتَ التحامِ الكفاحِ المسلحِ، وقولُه: {فَاثْبُتُوا} هذا تعليمٌ عسكريٌّ سماويٌّ عظيمٌ، معناه: الصمودُ في الخطوطِ الأماميةِ من خطوطِ النارِ، عند التقاءِ الصَّفَّيْنِ، وفي هذا الوقتِ يقولُ اللَّهُ جل وعلا: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا} وهذا مِمَّا يَدُلُّ أن دينَ الإسلامِ دينُ كفاحٍ، ودينُ قوةٍ، ودينُ عظمةٍ وَتَقَدُّمٍ في الميدانِ، ودينُ تربيةِ الأرواحِ على ضوءِ تعاليمِ خالقِ هذا الكونِ، والاتصالِ بخالقِ هذا الكونِ (جل وعلا)؛ لأَنَّ الإنسانَ المسكينَ إذا فَقَدَ حَظَّهُ من رَبِّهِ خَسِرَ كُلَّ شَيْءٍ، وَمَا لَهُ فِي الحياةِ فَائِدَةٌ.

فعلينا جميعًا معاشرَ المسلمين أن نعلمَ أن الدينَ - ديننَا - أنه تراثٌ سَمَاوِيٌّ عظيمٌ، وأنه يأمرُ بالتقدمِ والقوةِ في كُلِّ الميادين، وأن الإخلادَ إلى العجزِ والضعفِ خلافُ أوامرِ القرآنِ، وأنه مع هذا يُهَذِّبُ أرواحَنا على ضوءِ تعليمِ السماءِ، ويقربُنا من رَبِّنَا (جل وعلا). وقد بَيَّنَ لنا القرآنُ في مواضعَ منه: أن مَنْ كان متمسكًا بهذا الدينِ كما ينبغي، وكانت صِلَتُهُ بالله قويةً كما ينبغي، ذَا روحٍ مُرَبًّى على ضوءِ


(١) في الأصل: على الاتصال.

<<  <  ج: ص:  >  >>