أحدُهما: أن قولَه: {وَمُخْرِجُ} معطوفٌ على اسمِ الفاعلِ، وعليه فالمعنَى: إِنَّ اللَّهَ فالقُ الْحَبِّ والنوى، ومخرجُ الميتِ من الحيِّ. فهو اسمُ فاعلٍ معطوفٌ على اسمِ فاعلٍ؛ لأَنَّ قولَه:{يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ} كأنه تفسيرٌ لقولِه: {فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى} فجاءَ باسمِ الفاعلِ في {فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى} وَفَسَّرَهُ بأن معناه: يُخْرِجُ الحيَّ من الميتِ. أي: يخرجُ النخلةَ التي هي ناميةٌ حَيَّةٌ من النواةِ التي هي ميتةٌ، والسنبلةَ التي هي ناميةٌ حَيَّةٌ من الحبةِ التي هي ميتةٌ. وإذا كان قولُه:{يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ} كالتفسيرِ لقولِه: {فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى} يكونُ قولُه: {وَمُخْرِجُ} عطفًا عَلَى {فَالِقُ} فهو اسمُ فاعلٍ معطوفٌ على اسمِ فاعلٍ. وعلى هذا فالتقديرُ: إن اللَّهَ فالقُ الحبِّ وَالنَّوَى. أَيْ: مُخْرِجُ الحيِّ من الميتِ، ومخرجُ الميتِ مِنَ الْحَيِّ.
الوجهُ الثاني: هو أن عطفَ اسمَ الفاعلِ على الفعلِ، وعطفَ الفاعلِ على الاسمِ المشتقِّ، كلها أساليبُ معروفةٌ في القرآنِ وَفِي لغةِ العربِ. ومن أمثلةِ عَطْفِ الفعلِ على اسمِ الفاعلِ: قولُه جل وعلا: {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ}[الملك: آية ١٩] لَمْ يَقُلْ: وقابضات، وقولُه: {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (١) فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا (٢) فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا (٣) فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا (٤)} [العاديات: الآيات ١ - ٤] وَلَمْ يَقُلْ:
(١) انظر: ملاك التأويل (١/ ٢٩٥)، البحر المحيط (٤/ ١٨٥)، الدر المصون (٥/ ٥٧).