للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكان يوم فتح مكة اجتمع مع الجماعة الذين جاءهم خالد بن الوليد، فرأى القتل وجاءها منهزماً، فقالت له: أين الذي كنت تقوله أنك تُخدمني نساءهم، وأني أغلق الباب دونك؟! فقال لها رجزه المشهور، وهو معروف عند علماء التاريخ وأصحاب المغازي (١):

إنَّكِ لو شَهِدتِ يومَ الخَنْدَمَهْ ... إذ فرَّ صفوانُ وفرَّ عِكْرِمَهْ ...

واسْتَقبَلَتْنَا بالسّيوفِ المُسْلِمَهْ ... لهم نَهِيتٌ خَلفنَا وهَمْهَمَهْ ...

يَقْطَعْنَ كلَّ سَاعِدٍ وجُمجُمَهْ ... ضرباً فلا تَسْمَعُ إلا غَمْغَمَهْ ...

لَمْ تَنْطِقِي بِاللَّومِ أَدْنَى كَلِمَهْ

وهذه الأدلة وغيرها تدل على أن مَكَّةَ فُتِحَتْ عنوة لا صُلْحاً. ومن الأدلة على ذلك: ما ثبت في الصحيح أن النبي (صلوات الله وسلامه عليه) أمر بقتل مقيس بن صبابة، وابن خَطَل، وجاريتين معهما، ولو وُجدوا متعلقين بأستار الكعبة. ولو كانت مكة صلحاً لما أمر بقتل مقيس بن صبابة، وابن خَطَل، والجاريتين المذكورتين معهما (٢)، كما هو ثابت معروف، ومما يدل على أنها فتحت عنوة ما


(١) تقدمت هذه الأبيات، ونصها في ابن هشام (ص١٢٥٠):
إِنَّكَ لو شَهِدت يوم الخَندمه ... إذ فَرَّ صَفْوَانُ وَفَرَّ عِكْرِمَهْ ...
وَأَبُو يَزِيدَ قَائِمٌ كالمُؤْتَمَهْ ... واسْتَقْبَلَتْهُمْ بالسّيوفِ المُسْلِمَهْ ...
يَقْطَعْنَ كُلَّ سَاعِدٍ وجُمْجُمَهْ ... ضَرْباً فَلَا يُسْمَعُ إلا غَمْغَمَهْ ...
لهم نَهِيتٌ خلفنا وهَمْهَمَهْ ... لم تنطقي في اللوم أدْنَى كَلِمَهْ
(٢) البيهقي في الدلائل (٥/ ٥٩)، وابن سعد في الطبقات (٢/ ١/٩٨). وذكره ابن هشام في السيرة ص١٢٥١، وابن القيم في بالزاد (٣/ ٤١١)، وابن كثير في تاريخه (٤/ ٢٩٧ - ٢٩٩) وأخرج الشيخان من حديث أنس (رضي الله عنه): «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عام الفتح وعلى رأسه المغفر، فلما نزعه جاء رجل فقال: إن ابن خَطَل متعلق بأستار الكعبة. فقال: «اقتلوه». البخاري في جزاء الصيد، باب دخول مكة بغير إحرام. حديث رقم: (١٨٤٦)، (٤/ ٥٩) وأطرافه: (٣٠٤٤، ٤٢٨٦، ٥٨٠٨). ومسلم في الحج، باب جواز دخول مكة بغير إحرام. حديث رقم: (١٣٥٧) (٢/ ٩٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>