فهذه الأركان الأربعة أشارت إليها هذه الآية، وهي أصول الاقتصاد، ولو وفق الله المسلمين ونظروا في أصول الاقتصاد، وما جاء به من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم لأمكنهم استغلال ثرواتهم، والانتفاع بها في ضوء كتاب الله على طريق يغمرهم فيها المال، ولا يزاولون ما يسخط ربهم (جل وعلا)؛ لذا قال تعالى:{فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ}.
ثم قال جل وعلا:{وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ}[الأنفال: الآية ٣٦]، {وَالَّذِينَ كَفَرُواْ}[الأنفال: الآية ٣٦] ومن جملتهم: الذين ينفقون المال ليصدوا بإنفاقه عن سبيل الله {إِلَى جَهَنَّمَ} أي: إلى النار، كما قال (جل وعلا)، في أصحاب جهنم: {لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِّكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ (٤٤)} [الحجر: الآية ٤٤] والعياذ بالله {إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} يُجمعون يوم القيامة، وقد بين الله كيفية جمعهم إليها في آيات كثيرة من كتابه، كما قال: {وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا (٨٦)} [مريم: الآية ٨٦] وقال: {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ} الآية [الزمر: الآية ٧١] وهذا معنى قوله: {إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} وتقديم المعمول الذي هو الجار والمجرور يؤذن بالحصر؛ أي: لا يحشرون إلى شيء غير النار والعياذ بالله جل وعلا.
وقوله:{لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}[الأنفال: الآية ٣٧] قال بعض العلماء (١): اللام في قوله {لِيَمِيزَ} تتعلق بقوله: