للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اليهودي مفحمًا. وعلى كل حال من يقول مقالة قريش هذا فهو من أجهل خلق الله، وأشدهم تمردًا وعتوًّا على الله.

وقوله: {فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاءِ} ذكروا عن سفيان بن عيينة أنه ما جاء في القرآن العظيم المطر إلا بمعنى العذاب، أما الماء النازل قال: فإن العرب تقول له الغيث (١). كما قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا} [الشورى: الآية ٢٨] واستدرك عليه بعض العلماء (٢)، قال: في سورة النساء كلمة أطلق فيها المطر على النازل من السماء وهي قوله: {إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى} [النساء: الآية ١٠٢].

ومعنى: {فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً}. معناه: أنزلها من السماء متتابعة كما ينزل المطر، وهي حجارة السجيل التي تنزل من السماء محماة بالنار في غاية الحرارة. والحجارة: جمع حجر، وجمع (فَعَل) على (فِعَالَة) موجود في أوزان قليلة، كحجر وحِجارة، وجَمَل وجِمَالة، وذَكَر وذِكَارَة. وهذا الجمع وجوده قليل، وهو من جموع الكثرة.

{مِّنَ السَّمَاءِ} تكون هذه الحجارة نازلة من السماء، وذلك مفهوم من قوله: {فَأَمْطِرْ} إلا أن هذا النوع من التوكيد أسلوب عربي معروف كثير في القرآن وفي كلام


(١) أورده البخاري في التفسير، في ترجمة باب {وَإِذْ قَالُواْ اللهمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ ... } الفتح (٨/ ٣٠٨).
(٢) انظر: فتح الباري (٨/ ٣٠٨)، فقه اللغة للثعالبي ص٣٥٣، المفردات للراغب ص٧٧٠، تفسير ابن عاشور (١/ ١٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>