للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبإنزال الملائكة تثبتهم، وتلقي الرعب في قلوب عدوهم. وهذا معنى قوله: {فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ} كأن في الكلام محذوفًا دل المقام عليه {وَاذْكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ} فقراء لا أموال لكم {فَآوَاكُمْ} الله وقواكم بنصره وجعل لكم الأموال {وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ} كما رزقكم بغنائم يوم بدر، وهو مال طيب أطابه الله لهم بعد أن لامهم عليه لومًا شديدًا، وقال: {لَّوْلَا كِتَابٌ مِّنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٦٨)} [الأنفال: الآية ٦٨]، ثم قال بعد ذلك: {فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالاً طَيِّبًا} [الأنفال: الآية ٦٩] وهي الطيبات التي رزقهم {وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [الأنفال: الآية ٢٦] لله نعمه.

وقد قدمنا في هذه الدروس مرارًا (١) أن الشكر في القرآن يُطلق من الرب لعبده، ويُطلق من العبد لربه.

فإطلاق الشكر من الرب لعبده كقوله: {إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ} [فاطر: الآية ٣٤] {وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} [البقرة: الآية ١٥٨].

وإطلاقه من العبد لربه: {وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ: الآية ١٣] {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: الآية ١٨٥].

فشكر الرب لعبده معناه: أن يُثيبه الثواب الجزيل من عمله القليل.

وشكر العبد لربه قال بعض العلماء: ضابطه المنطبق على جزئياته: هو أن يستعمل جميع نعم الله فيما يرضي الله، فهذه العيون


(١) راجع ما سبق عند تفسير الآية (٥٣) من سورة البقرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>