للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أحد القولين: أنهم كانوا يمثلون تماثيل ويجعلون لها أعينًا تشبه عيون الناس، حتى إنه إذا قابلك الصنم كأنه إنسان ينظر إليك. قالوا: وعلى هذا تراهم فيما يتراءى للناظر ينظرون إليك وهم لا يبصرون؛ لأنهم في الحقيقة جمادات. وذكر ابن جرير (١) وغير واحد أن العرب تقول لكل مقابل شيء إنه ناظر إليه، تقول: دار فلان تنظر إلى داري. معناه: أنها مقابلة لها. وقالوا: إن هذا أسلوب عربي معروف، نزل به القرآن. وعلى هذا القول: {وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ} مقابلين لك ليس بينك وبينهما حاجز {وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ} لأنها جمادات لا تنفع ولا تضر. هذه الأقوال الثلاثة هي حاصل كلام أهل العلم في الآية. وهذا معنى قوله: {وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ} [الأعراف: آية ١٩٨].

{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (١٩٩) وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٠٠)} [الأعراف: الآيتان ١٩٩، ٢٠٠].

هذه الآية الكريمة من أخريات سورة الأعراف إحدى ثلاث آيات (٢) في كتاب الله بيّن الله (جل وعلا) فيها آدابًا اجتماعية يجب على كل مسلم أن يتفهمها ويتدبرها ويعمل بها؛ لأنه ينتفع بها في طول حياته انتفاعًا تامًّا، وهي من تعاليم خالق السماوات والأرض، وسنلم بهذه الآيات ونذكر هذه الآداب الاجتماعية التي دَلَّتْ عَلَيْهَا التي يحتاج إلى تعليمها كل إنسان، ثم نرجع إلى الآية فنفَسِّر مُفْرَدَاتها.


(١) تفسير ابن جرير (١٣/ ٣٢٥).
(٢) انظر: الأضواء (٢/ ٣٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>