للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأصل اليد: (يَدَيٌ) وهذا سُمع قليلاً في كلام العرب - وجود الياء من أصلها، وإبدالها ألفًا، وجعل اليد من المقصور- ومنه بهذا المعنى قول الراجز (١):

يا رُبَّ سارٍ بَاتَ ما تَوَسَّدا ... إلا ذِرَاعَ العَنْسِ أو كفَّ اليَدَا

فـ (اليدَا) هنا مردود إلى الأصل فيه (الياء) وأُبدل منها الألف كما هو معروف.

وقوله: {أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُواْ شُرَكَاءَكُمْ} قرأه بعض السبعة: {قُلِ ادْعُواْ} بكسر اللام على الأصل في التخلص من الساكنين بكسر أولهما، وقرأه بعض السبعة: {قُلُ ادعوا} بضم اللام إتباعًا للضمة كما لا يخفى (٢).

وهذا معنى قوله: {أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُواْ شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنظِرُونِ} [الأعراف: آية ١٩٥] أجرى الله العادة أنه إذا أرسل الأنبياء وعابوا الأصنام وقالوا: إنها لا تنفع ولا تضر، وأن عبادتها كفر بالله مُخلّد في النار، أن أصحاب الأصنام الذين يعبدونها يقولون للرسل: ستضركم هذه الآلهة، ستخبلكم وتخرب عقولكم، ويأتيكم منها الضر؛ لأنكم عبتموها!! والرسل (صلوات الله وسلامه عليهم) لا يخافون هذا؛ لأن الخوف من الأصنام كفر بالله وعدم توكل عليه، فقد خوفوا النبي صلى الله عليه وسلم بأن أصنامهم تضره؛ لأنه عابها، كما سيأتي إيضاحه في الزمر في قوله: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ} [الزمر: آية ٣٦] وقد خوفوا بها نبي الله إبراهيم كما قال الله عنه أنه


(١) البيت في الدر المصون (١/ ٤٥٢).
(٢) انظر: الإتحاف (٢/ ٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>