للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

آية ١١٠] على أظهر التفسيرات، أي: نقلب أفئدتهم وأبصارهم بالطبع والختم والغشاوة عليها وإزاغتها عن الحق {كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ} كما أنهم سارعوا إلى الكفر أول مرة عاقبناهم بعدم الهدى -والعياذ بالله - كقوله: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [الصف: آية ٥]، {فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا} [البقرة: آية ١٠] {وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كَافِرُونَ (١٢٥)} [التوبة: آية ١٢٥] {وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلَاّ خَسَارًا} [الإسراء: آية ٨٢] {وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا} [المائدة: آية ٦٤] وهذا معنى قوله: {فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ كَذَلِكَ} [الأعراف: آية ١٠١] أي: كذلك الطبع الذي طبع الله على قلوب هؤلاء الأمم الذين كذبوا رسلهم يطبع الله على قلوب الكافرين طبعًا مانعًا لهم من الإيمان لتكذيبهم السابق ومبادرتهم إلى الكفر والعياذ بالله.

{وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ وَإِن وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ (١٠٢)} [الأعراف: آية ١٠٢].

(ما): نافية. وصيغة الجمع في (وجدنا) للتعظيم، و (وجد) هنا علمية. والمعنى: {وَمَا وَجَدْنَا} ما علمنا. ومعلوم أن (وجد) في اللغة من أخوات (عَلِمَ) وهذا أظهر الأقول فيها هنا (١). {وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِم} أي: لأكثر الأمم السابقة. وقال بعض العلماء: لأكثر الخلق ما وجدنا لهم {مِّنْ عَهْدٍ} (مِنْ) دخلت على المفعول به، فالأصل: ما وجدنا لهم عهدًا. ولكن (من) إذا دخلت على النكرة في


(١) انظر: الدر المصون (٥/ ٤٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>