وقوله:{فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ}[الأعراف: آية ١٠١] هذه الآية الكريمة فيها أوجه عديدة من التفسير، معروفة عند علماء التفسير (١)، لا يرجحون منها شيئًا، وأظهرها عندي واحد لدلالة القرينة القرآنية هنا عليه، وكثرة ما يدل عليه في القرآن، فمن هذه الأوجه المذكورة في تفسير هذه الآية: أن المعنى: {فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ} بعد الموت إذا بُعثوا وردوا {بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ} في دار الدنيا التي هي وقت الإيمان، وهذا الوجه قال به جماعة من العلماء، واستدلوا له بمطابقته لقوله جل وعلا:{وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}[الأنعام: آية ٢٨] ومن أوجه التفسير في هذه الآية: ما قاله بعض أهلِ العلم: {فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ} بعد مجيء الرسل بالمعجزات {بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ} قبل مجيء الرسل بالمعجزات، واستأنس أهل هذا القول بقوله تعالى:{سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ}[البقرة: آية ٦].
وقال بعض العلماء: هي لقوم لم يؤمنوا طوعًا ليلة أخذ الميثاق التي سيأتي الكلام موضحًا عليها -إن شاء الله- في قوله:{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ}[الأعراف: آية ١٧٢] على أحد الوجهين: أن الله أخرجهم من أصلاب آبائهم في صفة الذر، وأشهدهم على أنفسهم: ألست بربكم؟ قالوا: بلى، وأن بعضهم شهد كرهًا لا طوعًا، وهو بطوعه ليس بمؤمن، قالوا:{فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ}[الأعراف: آية ١٠١] بعد