تأويلها والإتيان بغيرها!! لا، لا، لا يا عبدي، بل لاحظ أولاً أن صفتي في غاية الكمال والجلال والتنزيه عن مشابهة صفات المخلوقين ليمكنك على ذلك الأساس أن تؤمن بها إيمانًا مبنيًّا على أساس التنزيه، كما بينت لك في قولي:{وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} بعد قولي: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى: آية ١١] هذا أيها الإخوان بيان واضح لا لبس فيه.
الأساس الثالث: هو أن تعلموا -أيها الإخوان- أن العقول البشرية مخلوقة، وأنها واقفة عند حدها، وأنها متقاصرة عن إدراك الإحاطات والكيفيات بصفاته (جل وعلا)، كما قال تعالى: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا (١١٠)} [طه: آية ١١٠] فنفى إحاطة العلم البشري نفيًا باتًّا عنه (جل وعلا) لأن الخلق مخلوق، والخالق (جل وعلا) أعظم شأنًا من أن يحيط به خلقه.
هذه الأسس الثلاثة -أيها الإخوان- من لقي منكم الله وهو عليها لقيه على هدى ونور من ربه، وعلى عمل بالقرآن. ومن حاد عنها تخَبَّطَ في ظلام لا يدري في أي وقت يخرج منه. وأنا أقول لكم: إن هذه اللحظات من الأيام والليالي سائرة بنا إلى المحشر سيرًا حثيثًا، كصاحب السفينة يكون نائمًا في مُتكئه في البحر يظن أن السفينة واقفة وهي تقطع فيه المسافات العظيمة في الدقائق والثواني!! فنحن تسير بنا الأيام والليالي إلى ربنا (جل وعلا)، وعن قريب سينكشف لكم الغيب، ونكون جميعًا في صعيد واحد أمام رب العالمين (جل وعلا) والله قد يسألكم عن كل شيء كما قال: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (٦)} [الأعراف: آية ٦] {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ (٩٢) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٩٣)} [الحجر: