يحل لكم أن تضاجروهن وتضيقوا عليهن ليفتدين منكم بما أعطيتموهن {شَيْئًا} أي من المهر وغيره، ثم استثنى الخلع فقال {إِلَّا أَنْ يَخَافَا} أي يعلم الزوج والزوجة {أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ} يخاف الزوج إذا لم تطعه امرأته أن يعتدي عليها وتخاف المرأة أن تعصي الله في أمر زوجها {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} المرأة نفسها منه ولو كثر. وهو مذهب الجمهور، وقالت الربيع اختلعت من زوجي بما دون عقاص رأسي ولم ينكر فكان كالإجماع، سواء كرهت خلقه أو خلقه أو نقص دينه أو خافت إثمًا بترك حقه أو أبغضته ولم تقدر على معاشرته فلها أن تفتدي منه بما أعطاها ولا حرج عليها في بذله ولا حرج عليه في قبول ذلك منها، قال ابن عبد البر لا نعلم أحدًا خالف في ذلك إلا المزني.
وقال الوزير اتفقوا على أنه يصح الخلع مع استقامة الحال بينهما، وقال ابن رشد الجمهور أنه جائز إذا لم يكن سببه رضاها بما تعطيه إضراره بها، وقال بعض الأصحاب إن لم يكن شيء من ذلك بل كانت حالهما مستقيمة كره الخلع لما في السنن:«أيما امرأة سألت زوجها الطلاق في غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة» ويقع الخلع وإن كانت تبغضه وهو يحبها، فقال أحمد لا آمرها بالخلع وينبغي لها أن تصبر، وقال الشيخ إذا أبغضته وهو محسن إليها فإنه يطلب منه الفرقة من غير أن يلزم بذلك، فإن فعل وإلا أمرت المرأة أن تصبر إذا لم يكن هناك ما يبيح الفسخ.