(وقال) تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا} أي الزوجين، وقد تقدم في الآية الأولى ذكر نفور الزوجة، وفي الآية الثانية ذكر نفور الزوج، وفي هذه الآية إذا وقع بينهما الشقاق واشتبه حالهما الزوجة لم تؤد الحق عليها ولم تقتنع والزوج لم يصفح ولم يفارق وخرجا إلى ما لا يحل قولاً وفعلاً وتفاقم أمرهما وطالت خصومتها، والخوف هنا بمعنى اليقين أي ظهر الشقاق بينهما {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ} إليه {وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} إليها رجلين عدلين ليستطلع كل واحد من الحكمين رأي من بعث إليه إن كان رغبته في الصلح أو الفرقة ثم يجتمعان فينظران في أمرهما ويفعلان ما فيه المصلحة مما يريانه من التوفيق أو التفريق.
ولهذا قال تعالى:{إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا} يعني الحكمين فعليهما أن ينويا الإصلاح، وأن يطلفا القول وينصحا ويرغبا، ويخوفا ولا يخصان بذلك أحدهما دون الآخر (يوفق الله بينهما) يعني بين الزوجين. والتوفيق أن يخرج كل واحد منهما من الوزر، وذلك تارة يكون بصلاح حالهما في الوصلة، وتارة بالفراق (إن الله كان عليمًا) بما يصلح لهما (خبيراً) بأحوالهما وما انطويا عليه.
وقال الوزير اتفقوا على أنه إذا وقع الشقاق بين الزوجين وخيف عليهما أن يخرجهما ذلك إلى العصيان أن يبعث الحاكم حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها، وقال الشيخ دلت الآية على وجوب كونهما من الأهل، واشترطه الخرقي، كما اشترط الأمانة وهذا أصح، فإنه نص القرآن، ولأن الأقارب أخبر بالعلل