للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فَيَقَعُ] فِيهَا التَّصْحِيفُ، وَيَدْخُلَهَا التَّحْرِيفُ» (١). وقال في موضع آخر: «أَصْلُ هَذَا أَنْ قَوْمًا كَانُوا أَخَذُوا العِلْمَ عَنْ الصُّحُفِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَلَقَوْا فِيهِ العُلَمَاءَ فَكَانَ يَقَعُ فِيمَا يَرْوُونَهُ التَّغْيِيرَ» (٢).

لكن المتأخرين من الحفاظ مالوا إلى التفرقة بين المصحف والمحرف وإن جاءت تفرقتهم لفظية شكلية، فرأى ابن حجر مثلاً أن ما كان فيه تغيير حرف أو حروف بتغيير النقط مع بقاء صورة الخطُ سمي «مُصَحَّفًا»، وما كان فيه ذلك في الشكل سمي «مُحَرَّفًا» (٣). فمثال المصحف - على هذا الاصطلاح - حديث «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَأَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ» صحفه أبو بكر الصولي فقال «شَيْئًا»، بالشين المعجمة والياء.

ومثال المحرف كحديث جابر: «رُمِيَ أُبَيٌّ يَوْمَ الأَحْزَابِ عَلَى أَكْحَلِهِ فَكَوَاهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» صَحَّفَهُ غُنْدُرْ وقال فيه: «أَبِي» بالإضافة، وإنما هو أُبَيٌ بْنُ كَعْبٍ، وأبو جابر كان قد استشهد قبل ذلك بِأُحُدْ (٤).

والأخبار متضافرة على أن التصحيف وقع في القرآن مثلما وقع في الحديث، وكان أكثر المصحفين من المتعالمين بين العامة، الذين لم يكن لهم شيوخ من القراء والحفاظ يوقفونهم على أخطائهم (٥).

قال أبو بكر المعيطي: «عَبَرْتُ (*) بِمُؤَدِّبٍ، وَهُوَ يُمْلِي عَلَى غُلاَمٍ بَيْنَ يَدَيْهِ: " قُرَّيْقٌ فِي الحَبَّةِ وَقُرَّيْقٌ فِي الشَّعِيرِ! "،


(١) " التصحيف ": ص ٣.
(٢) نفسه ص ٩.
(٣) " شرح النخبة ": ص ٢٢.
(٤) " حاشية لقط الدرر ": ص ٩٥.
(٥) " اختصار علوم الحديث ": ص ١٩٢.