للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سابعاً_التسلسل: وهو أحد الألفاظ المجملة التي يطلقها المتكلمون.

ولأجل أن يتضح مفهوم هذه اللفظة، ومدلولها، ووجه الصواب والخطأ في إطلاقها إليك هذا العرض الموجز.

أ_ تعريف التسلسل: قال الجرجاني: =التسلسل هو ترتيب أمور غير متناهية+.

ب_ سبب تسميته بذلك: سمي بذلك أخذاً من السلسلة؛ فهي قابلة لزيادة الحِلَق إلى ما لا نهاية؛ فالمناسبة بينهما عدم التناهي بين طرفيهما؛ ففي السلسلة مبدؤها ومنتهاها، وأما التسلسل فطرفاه الزمن الماضي والمستقبل.

ج_ مراد أهل الكلام من إطلاق هذه اللفظة: مرادهم يختلف باختلاف سياق الكلام، وباختلاف المتكلمين؛ فقد يكون مرادهم نفي قدم اتصاف الله ببعض صفاته، وقد يكون مرادهم نفي دوام أفعال الله ومفعولاته وقد يكون مرادهم نفي أبدية الجنة والنار، وقد يكون غير ذلك.

د_ هل وردت هذه اللفظة في الكتاب أو السنة، أو أطلقها أحد من أئمة السلف؟ الجواب: لا.

هـ_ ما طريقة أهل السنة في التعامل مع هذا اللفظ؟: طريقتهم كطريقتهم في سائر الألفاظ المجملة، حيث إنهم يتوقفون في لفظ =التسلسل+ فلا يثبتونه، ولا ينفونه، لأنه لفظ مبتدع، مجمل يحتمل حقاً وباطلاً، وصواباً وخطأ.

هذا بالنسبة للفظ.

أما بالنسبة للمعنى فإنهم يستفصلون، فإن أريد به حق قبلوه، وإن أريد به باطل ردوه.

و_ وبناء على ذلك فإنه ينظر في هذا اللفظ، وتطبق عليه هذه القاعدة: فيقال لمن أطلقوا هذه اللفظ:

١_إذا أردتم بالتسلسل: دوام أفعال الرب_أزلاً (١) وأبداً (٢) فذلك معنى صحيح دل عليه العقل والشرع؛ فإثباته واجب، ونفيه ممتنع، قال الله تعالى: [فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ] (هود: ١٠٧) .


(١) الأزل: هو القدم الذي لا بداية له، أو هو استمرار الوجود في أزمنة مقدرة غير متناهية في جانب الماضي.
(٢) والأبد هو المستقبل الذي لا نهاية له، أو هو استمرار الوجود في أزمنة مقدرة غير متناهية في جانب المستقبل. انظر التعريفات للجرجاني ص١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>