للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٨٦٧ - عَنْ مَسْرُوقِ بْنِ الأَجْدَعِ، قَالَ: كُنْتُ مُتَّكِئًا عِنْدَ عَائِشَةَ، فَقَالَتْ:

«يَا أَبَا عَائِشَةَ، ثَلَاثٌ مَنْ تَكَلَّمَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ، فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللهِ الْفِرْيَةَ (١) ، قُلْتُ: مَا هُنَّ؟ قَالَتْ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلى الله عَليه وسَلم رَأَى رَبَّهُ، فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللهِ الْفِرْيَةَ، قَالَ: وَكُنْتُ مُتَّكِئًا فَجَلَسْتُ، فَقُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنْظِرِينِي وَلَا تُعْجِلِينِي (٢) ، أَلَمْ يَقُلِ اللهُ، عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ الْمُبِينِ}، {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى}؟ فَقَالَتْ: أَنَا أَوَّلُ هَذِهِ الأُمَّةِ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم فَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ جِبْرِيلُ، لَمْ أَرَهُ عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي خُلِقَ عَلَيْهَا غَيْرَ هَاتَيْنِ الْمَرَّتَيْنِ، رَأَيْتُهُ مُنْهَبِطًا مِنَ السَّمَاءِ، سَادًّا عِظَمُ خَلْقِهِ (٣) مَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ، فَقَالَتْ: أَوَلَمْ تَسْمَعْ أَنَّ اللهَ يَقُولُ: {لَا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}، أَوَلَمْ تَسْمَعْ أَنَّ اللهَ يَقُولُ: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ}؟ .

قَالَتْ: وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم كَتَمَ شَيْئًا مِنْ كِتَابِ اللهِ، فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللهِ الْفِرْيَةَ، وَاللهُ يَقُولُ: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ}.

قَالَتْ: وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يُخْبِرُ بِمَا يَكُونُ فِي غَدٍ، فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللهِ الْفِرْيَةَ، وَاللهُ يَقُولُ: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللهُ}» (٤) .


(١) الفريةُ؛ أي الكذب.
(٢) أَنظريني ولا تُعجليني؛ من الإنظار وهو التأخير والإمهال، أي دعيني أقول ما عندي على مَهَلٍ.
(٣) عِظَمُ خَلْقِهِ؛ ضُبط على وجهين، أحدِهما: عُظْم، بضم العين وسكون الظاء، والثاني: عِظَم، بكسر العين وفتح الظاء، وكلاهما صحيح.
(٤) أخرجه أحمد، ومسلم، والتِّرمِذي، والنَّسَائي، وأبو يَعلَى. واللفظ لمسلم ١/ ١١٠ (٣٥٨) قال: حدثني زهير بن حرب، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن داود، عن الشعبي، عن مسروق، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>