٥٨٨ - حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ الرَّبَعِيُّ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ هِشَامٍ الْكَلْبِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " دَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ، فَقَالَ: أَصْبَحْتَ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
فَإِنْ تُصِبْكَ مِنَ الْأَيَّامِ جَائِحَة ... لَمْ تَبْكِ مِنْكَ عَلَى دُنْيَا وَلَا دِينِ
قَالَ: وَمَا ذَاكَ يَا أَعْرَجُ؟ قَالَ: هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ يُفَقِّهُ النَّاسَ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ يُطْعِمُ النَّاسَ، فَمَا بَقَّيَا لَكَ فَأَحْفَظَهُ ذَلِكَ، فَأَرْسَلَ صَاحِبَ شُرْطَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ، فَقَالَ: انْطَلِقْ إِلَى ابْنَيْ عَبَّاسٍ، فَقُلْ لَهُمَا: بَدِّدَا عَنِّي جَمْعَكُمَا، وَمَنْ ضَوَى إِلَيْكُمَا مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قُلْ لِابْنِ الزُّبَيْرِ: يَقُولُ لَكَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " وَاللَّهِ مَا يَأْتِينَا مِنَ النَّاسِ غَيْرُ رَجُلَيْنِ: رَجُلٌ طَالِبُ عِلْمٍ، وَرَجُلٌ طَالِبُ فَضْلٍ، فَأَيُّ هَذَيْنِ تَمْنَعُ "؟ فَأَنْشَأَ أَبُو الطُّفَيْلِ عَامِرُ بْنُ وَائِلَةَ يَقُولُ:
[البحر البسيط]
لِلَّهِ دَرُّ اللَّيَالِي كَيْفَ تُضْحِكُنَا ... فِيهَا خُطُوبٌ أَعَاجِيبٌ وَتُبْكِينَا
وَمِثْلُ مَا تُحْدِثُ الْأَيَّامُ مِنْ عِبَرٍ ... وَابْنُ الزُّبَيْرِ عَنِ الدُّنْيَا يُلَهِّينَا
كُنَّا نَجِيءُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَيُقْبِسُنَا ... فِقْهًا وَيُكْسِبُنَا أَجْرًا وَيَهْدِينَا
وَلَا يَزَالُ عُبَيْدُ اللَّهِ مُتْرَعَةٌ ... جِفَانُهُ مُطْعِمًا ضَعْفًا وَمِسْكِينَا
فَالْيُمْنُ وَالدِّينُ وَالدُّنْيَا بِدَارِهِمَا ... نَنَالُ مِنْهُ الَّذِي نَبْغِي إِذَا شِينَا
إِنَّ النَّبِيَّ هُوَ النُّورُ الَّذِي كُشِفَتْ ... بِهِ عَمَايَاتُ مَاضِينَا وَبَاقِينَا
وَرَهْطُهُ عِصْمَةٌ فِي دِينِنَا وَلَهُمْ ... فَضْلٌ عَلَيْنَا وَحَقٌّ وَاجِبٌ فِينَا
فَفِيمَ تَمْنَعُنَا مِنْهُمْ وَتَمْنَعَهُمْ ... مِنَّا وَتُؤْذِيهِمُ فِينَا وَتُؤْذِينَا
"
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute