للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحديث وهو عبيد الله بن معاذ (١) كما في تتمة الأثر: (كان أصحابنا يقولون: يعني به الموحدين) (٢) .

ويجاب - أيضاً - على هذا الأثر بما أجاب الإمام الصنعاني (ت - ١١٨٢هـ) رحمه الله بقوله: (فإن قوله: (ليس فيها أحد) دال على بقائها، فإنك إذا قلت: ليس في الدار أحد، فإنه دال على بقاء الدار لا على فنائها) (٣) .

ولو سلمنا أن هذا الأثر فيه دلالة على فناء النار فهو قول صحابي، لا يقف أمام النصوص الصحيحة من القرآن والسنة، واتفاق العلماء على عدم فناء النار، وبقائها أبد الآباد (٤) .

وبهذا نعلم أنه لم يصح حديث أو أثر يثبت فناء النار، وأما ما صح سنده مما استدل به من قال بفناء النار فإنه لا يدل على فناء النار: - كما تم بيانه - ولله الحمد والمنة (٥) .

ومما ينبغي أن يعلم في مقام مناقشة القائلين بفناء النار: أن دوام عذاب أهل النار من الكفار هو من حكمة أحكم الحاكمين سبحانه وتعالى ولا ينافي ذلك حكمته، بل هو من حكمته، واستمرار عذابهم في النار لا يعارض رحمة أرحم الراحمين، فرحمته - سبحانه - لا تنافي حكمته، وحكمته عزّ وجل تقتضي دوام عذاب أهل النار من الكفار؛ لأن الله سبحانه وتعالى قضى وحكم في كتابه الكريم، وشرعه المطهر أن يستمر عذابهم، وقضاء الله سبحانه وتعالى مبني على حكمته - سبحانه - وفرقٌ بين عذاب الكفار الخُلَّص، وبين عذاب العصاة من المؤمنين، فعذاب الكفار هو للإهانة والانتقام فهو أبدي، وأما عذاب العصاة فهو للتطهير


(١) عبيد الله بن معاذ: بن نصر بن حسان العنبري. أبو عمرو الأنصاري. ثقة حافظ. (ت٢٣٥هـ) . انظر: الكاشف للذهبي ٢/٢٣١، تقريب التهذيب لابن حجر ١/٥٣٩.
(٢) انظر: حادي الأرواح لابن القيم ص٢٥٢، الدر المنثور للسيوطي ٤/٤٧٨، وانظر: رفع الأستار للصنعاني ص٧٦.
(٣) رفع الأستار للصنعاني ص٧٦.
(٤) انظر: تنبيه الأخيار للعلوان ص٥٤.
(٥) انظر: إيثار الحق على الخلق لابن الوزير ص٢٠٣، رفع الأستار للصنعاني ص١١٦.

<<  <   >  >>