للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فرحهم، ويزداد أهل النار حزناً إلى حزنهم» (١) .

وقال صلّى الله عليه وسلّم في حديث الشفاعة الطويل: «.. فأقول: يارب ما بقي في النار إلا من حبسه القرآن - أي وجب عليه الخلود -» (٢) .

قال الإمام النووي (ت - ٦٧٦هـ) رحمه الله: (أي وجب عليه الخلود، وبيّن مسلم رحمه الله أن قوله: أي وجب عليه الخلود هو تفسير قتادة (٣) الراوي (٤) ، وهذا التفسير صحيح ومعناه: من أخبر القرآن أنه مخلد في النار وهم الكفار، كما قال الله تعالى: {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ} [النساء: ٤٨، ١١٦] ، وفي هذا دلالة لمذهب أهل الحق، وما أجمع عليه السلف أنه لا يخلد في النار أحد مات على التوحيد والله أعلم) (٥) . وقال الحافظ ابن حجر (ت - ٨٥٢هـ) رحمه الله في معنى إلا من حبسه القرآن: (أي من أخبر القرآن أنه يخلد في النار) (٦) .

وأما أقوال سلف الأمة وعلمائها في تقرير عقيدة خلود النار وبقائها أبد الآباد، وأنها لا تفنى، فهي متواترة يتلقاها اللاحق عن السابق، ولعلي أتوقف قليلاً؛ لأذكر نماذج من مقولاتهم في تقرير هذه العقيدة:

قال إمام أهل السنة الإمام أحمد (ت - ٢٤١هـ) رحمه الله: (وإن الله خلق الجنة


(١) الحديث أخرجه البخاري في صحيحه ١١/٤١٥ كتاب الرقاق، باب صفة الجنة والنار، ومسلم في صحيحه ٤/٢١٨٩، كتاب الجنة، باب النار يدخلها الجبارون، والجنة يدخلها الضعفاء، واللفظ له.
(٢) الحديث أخرجه البخاري في صحيحه ١١/٤١٧ - ٤١٨ كتاب الرقاق، باب صفة الجنة والنار، ومسلم ١/١٨١ - ١٨٢ كتاب الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها.
(٣) قتادة بن دعامة بن قتادة السدوسي البصري، ولد أكمه، اشتهر بقوة الحفظ وسرعته، عالم أهل البصرة إمام في النسب، ورأس في العربية واللغة، ت سنة ١١٧هـ.
انظر في ترجمته: تهذيب التهذيب لابن حجر ٨/٣٥١، شذرات الذهب لابن العماد ١/١٥٣.
(٤) انظر: صحيح مسلم ١/١٨١، وانظر: فتح الباري لابن حجر ١١/٤٤٠.
(٥) شرح النووي على صحيح مسلم ٣/٥٨ - ٥٩.
(٦) فتح الباري شرح صحيح البخاري ١١/٤٤٠.

<<  <   >  >>