وقد عكف كثير من العلماء على تأليف الكتب في سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وآثاره كما فعل البيهقي وأبو نعيم في دلائلهما وابن سعد في طبقاته وغيرهم.
وأما كتاب القاضي الشفا فقد أبدع فيه كل الِإبداع وسلم له أكفاؤه وكفاءته فيه ولم ينازعه أحد في الانفراد ولا أنكروا مزية السبق إليه بل تشوقوا للوقوف عليه وأنصفوا في الاستفادة منه وحمله الناس عنه وطارت نسخه شرقًا وغربًا.
وقد ذكر ابن المقري اليمني الشافعي رحمه الله في ديوانه، أن كتاب الشفاء مما شوهدت بركته وكان قد ابتلي بمرض فقرأه فعافاه الله منه وقال في ذلك:
ما بالكتاب هواي لكن الهوى ... أمس بما أمسى به مكتوبا
كالدر يهوى العاشقون بذكرها ... شغفًا بها لشمولها المحبوبا
أرجو الشفاء تفاؤلًا باسم الشفا ... فحوى الشفاء وأدرك المطلوبا
وبقدر حسن الظن ينتفع الفتى ... لا سيما ظن يصير مجيبا
هذا في كتاب الشفاء بعض الأحاديث الضعيفة ولم يذكر من الموضوع إلا شفا وقد نبه على ذلك كله الشيخ جلال الدين السيوطي رحمه الله تعالى في كتابه مناهل الصفا في تخريج أحاديث الشفا. وقد مدحه بعض الأدباء بقوله:
عوضت جنات عدن عياض ... عن الشفا الذي ألفته عوض
جمعت فيه أحاديثاً مصححة ... فهو الشفاء لمن في قلبه مرض