وقد بينت الشريعة بنصوصها أو بقواعدها العامة الأسس والضوابط المتعلقة بهذا اللون من ألوان الحوار.
وقد ظهر مثل هذا اللون من حوار التعامل والتقارب المعيشي منذ نشأة الدولة الإسلامية في المدينة، حيث عقد النبي - صلى الله عليه وسلم - عهوداً مع يهود المدينة، كما أبرم صلح الحديبية مع كفار قريش، وحوى الفقه الإسلامي بمذاهبه المختلفة تراثاً ضخماً في مجال العلاقات الدولية التي بينت للمسلمين أصول التعامل مع مختلف البشر.
ويركز هذا اللون من الحوار على النقاط المشتركة التي يتفق عليها المتحاورون، فيهدفون إلى تعميقها والتكاتف في سبيلها، وغالباً ما تصطبغ بالصبغة الأخلاقية أو المصلحية، كالحوار حول السلام العالمي والتعايش بين الأمم ومكافحة الشذوذ ومعالجة قضايا الانحلال الأخلاقي والتفكك الأسري.
وأبرز معالم هذا النوع من الحوار:
- الاعتراف بوجود الآخر واختياره للدين والمعتقد.
- الاعتراف باختلاف المتحاورين وخصوصية كل دين، ونبذ التوفيق والتلفيق بين أديان الأطراف المتحاورة.
- تجنب أو الحذر في البحث في المسائل العقدية الفاصلة، حفاظاً على استمرارية الحوار وضمان ديمومة التعاون على تحقيق القيم أو المصالح المشتركة.
- تجنب إطلاق الألفاظ المفسدة لأجواء الحوار، كإطلاق الكفر على المحاورين أو الحديث عن خلودهم في النار أو الطعن في مقدساتهم، وتجنب هذا ليس تسويغاً له البتة.
- إبراز أوجه التشابه والاتفاق بين الأطراف المتحاورة، والتركيز عليها لاستثمارها وتنميتها، وإقصاء أوجه التباين والافتراق لما لها من أثر سلبي على الحوار.