لَهُ فَتَبْقَى بِخِلَافِ مَمْلُوكِيَّتِهَا؛ لِأَنَّهَا حَقٌّ عَلَيْهَا، وَأَمَّا مَا لَا يَصْلُحُ لِحَاجَتِهِ كَالْقِصَاصِ) ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ عُقُوبَةٌ وَجَبَتْ لِدَرْكِ الثَّأْرِ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْحَيَاةِ، وَالْمَيِّتُ لَا يَحْتَاجُ إلَى هَذَا بَلْ الْوَرَثَةُ مُحْتَاجُونَ إلَيْهِ (فَإِنَّهُ يَجِبُ حَقًّا لِلْوَرَثَةِ ابْتِدَاءً حَتَّى يَصِحَّ عَفْوُهُمْ قَبْلَ مَوْتِ الْمَجْرُوحِ لَكِنَّ السَّبَبَ انْعَقَدَ فِي حَقِّ الْمَيِّتِ حَتَّى يَصِحَّ عَفْوُهُ أَيْضًا؛ وَلِهَذَا) أَيْ: وَلِأَجْلِ أَنَّ الْقِصَاصَ يَجِبُ ابْتِدَاءً لِلْوَرَثَةِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْقِصَاصُ غَيْرُ مُوَرَّثٍ حَتَّى لَا يَنْتَصِبَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ خَصْمًا عَنْ الْبَقِيَّةِ لَكِنْ (إذَا انْقَلَبَ) أَيْ: الْقِصَاصُ (مَالًا وَهُوَ يَصْلُحُ لِحَوَائِجِ الْمَيِّتِ يُصْرَفُ إلَى حَوَائِجِهِ وَيُورَثُ مِنْهُ، وَأَمَّا أَحْكَامُ الْآخِرَةِ فَكُلُّهَا ثَابِتَةٌ فِي حَقِّهِ) .
، (وَأَمَّا الْعَوَارِضُ الْمُكْتَسَبَةُ فَهِيَ إمَّا مِنْ نَفْسِهِ، وَإِمَّا مِنْ غَيْرِهِ: أَمَّا الْأَوَّلُ فَمِنْهَا الْجَهْلُ، وَهُوَ إمَّا جَهْلٌ لَا يَصْلُحُ عُذْرًا كَجَهْلِ الْكَافِرِ؛ لِأَنَّهُ مُكَابَرَةٌ بَعْدَمَا وَضَحَ الدَّلِيلُ فَدِيَانَةُ الْكَافِرِ) أَيْ: اعْتِقَادُهُ (فِي
ــ
[التلويح]
كَالسُّكْرِ أَوْ بِالتَّقَاعُدِ عَنْ الْمُزِيلِ كَالْجَهْلِ، وَهِيَ إمَّا أَنْ تَكُونَ مِنْ ذَلِكَ الْمُكَلَّفِ الَّذِي يَبْحَثُ عَنْ تَعَلُّقِ الْحُكْمِ بِهِ كَالسُّكْرِ، وَالْجَهْلِ، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ مِنْ غَيْرِهِ عَلَيْهِ كَالْإِكْرَاهِ فَمِنْ الْأَوْلَى أَيْ: الَّتِي تَكُونُ مِنْ الْمُكَلَّفِ الْجَهْلُ، وَهُوَ عَدَمُ الْعِلْمِ عَمَّا مِنْ شَأْنِهِ فَإِنْ قَارَنَ اعْتِقَادُ النَّقِيضِ فَمُرَكَّبٌ هُوَ الْمُرَادُ بِالشُّعُورِ بِالشَّيْءِ عَلَى خِلَافِ مَا هُوَ بِهِ، وَإِلَّا فَبَسِيطٌ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِعَدَمِ الشُّعُورِ، وَأَقْسَامُهُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْمَقَامِ أَرْبَعَةٌ: جَهْلٌ لَا يَصْلُحُ عُذْرًا، وَلَا شُبْهَةً، وَهُوَ فِي الْغَايَةِ، وَجَهْلٌ هُوَ دُونَهُ، وَجَهْلٌ لَا يَصِحُّ شُبْهَةً، وَجَهْلٌ يَصْلُحُ عُذْرًا فَالْأَوَّلُ جَهْلُ الْكَافِرِ بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَوَحْدَانِيِّتِهِ، وَصِفَاتِ كَمَالِهٍ، وَنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَإِنَّهُ مُكَابَرَةٌ أَيْ: تَرَفُّعٌ عَنْ انْقِيَادِ الْحَقِّ، وَاتِّبَاعِ الْحُجَّةِ إنْكَارًا بِاللِّسَانِ، وَإِبَاءً بِالْقَلْبِ بَعْدَ وُضُوحِ الْحُجَّةِ، وَقِيَامِ الدَّلِيلِ فَإِنْ قُلْت: الْكَافِرُ الْمُكَابِرُ قَدْ يَعْرِفُ الْحَقَّ، وَإِنَّمَا يُنْكِرُهُ جُحُودًا، وَاسْتِكْبَارًا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} [النمل: ١٤] ، وَمِثْلُ هَذَا لَا يَكُونُ جَهْلًا قُلْت: مِنْ الْكُفَّارِ مَنْ لَا يَعْرِفُ الْحَقَّ، وَمُكَابَرَتُهُ تَرْكُ النَّظَرِ فِي الْأَدِلَّةِ، وَالتَّأَمُّلِ فِي الْآيَاتِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْرِفُ الْحَقَّ، وَيُنْكِرُهُ مُكَابَرَةً، وَعِنَادًا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ} [البقرة: ١٤٦] الْآيَةَ، وَمَعْنَى الْجَهْلِ فِيهِمْ عَدَمُ التَّصْدِيقِ الْمُفَسَّرِ بِالْإِذْعَانِ، وَالْقَبُولِ. (قَوْلُهُ: وَنَحْوَهَا) أَيْ: مِثْلُ الْمَذْكُورَاتِ كَهِبَةِ الْخَمْرِ، وَالْوَصِيَّةِ بِهَا، وَالتَّصَدُّقِ بِهَا، وَأَخْذِ الْعُشْرِ مِنْ قِيمَتِهَا، وَكَذَا الْخِنْزِيرُ.
(قَوْلُهُ: فَيُحَدُّ قَاذِفُهُ) أَيْ: قَاذِفُ الْمُسْلِمِ الَّذِي وَطِئَ فِي نِكَاحِ الْمَحَارِمِ حَالَ الْكُفْرِ، وَهَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى ثُبُوتِ الْإِحْصَانِ وَقَوْلُهُ، وَتَجِبُ بِهِ النَّفَقَةُ تَفْرِيعٌ عَلَى صِحَّةِ النِّكَاحِ لَا عَلَى ثُبُوتِ الْإِحْصَانِ، فَلَا يَكُونُ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ فَيُحَدُّ قَاذِفُهُ بَلْ عَلَى مَا قَبْلَهُ، وَكَذَا قَوْلُهُ: وَلَا يُفْسَخُ أَيْ: نِكَاحُ الْمَحَارِمِ بِرَفْعِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ الْكَافِرَيْنِ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي، وَطَلَبِ حُكْمِ الْإِسْلَامِ إلَّا أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute